جودة للدستور: القاهرة تتحرك على محورين متوازيين لإعادة صياغة المشهد الفلسطيني

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قال محمد جودة الكاتب السياسي الفلسطيني، تشهد الدبلوماسية المصرية في المرحلة الراهنة نشاطًا مكثفًا على محورين متوازيين في الملف الفلسطيني: سياسي وإنساني–تنموي، وكلاهما يهدف إلى تحقيق غاية استراتيجية واحدة تتمثل في منع تفجر الأوضاع مجددًا وضمان أن تكون القاهرة بوابة الحل لأي تسوية قادمة.

وأضاف جودة في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، "على الصعيد السياسي، تواصل مصر تحركاتها مع الفصائل الفلسطينية، وخاصة فتح وحماس انطلاقًا من قناعة راسخة لدى قيادتها بأن استمرار الانقسام بين غزة ورام الله يشكل خطرًا مضاعفًا، إذ يعرقل وجود شريك فلسطيني موحد لأي مفاوضات مستقبلية، ويعطل جهود إعادة الإعمار، فضلًا عن انعكاساته السلبية على الأمن القومي المصري في سيناء والحدود مع القطاع.

وتابع "في هذا السياق، لا تطرح القاهرة مصالحة شكلية كما في المحاولات السابقة، بل تعمل على صيغة انتقالية واقعية تشمل تشكيل حكومة توافق وطني أو إدارة مشتركة تدير قطاع غزة مؤقتًا، مع إشراف فصائلي على المعابر وربط الخطوات السياسية بالاقتصادية، بحيث يكون الدعم الدولي مشروطًا بالوحدة الفلسطينية".

وأوضح أن العلاقة بين القاهرة وحماس، بحسب مراقبين، شهدت تحولًا لافتًا من التوجس إلى شراكة محسوبة، في ظل التزام مصري بأن أي ترتيبات أمنية في غزة لن تُفرض دون توافق فلسطيني داخلي.

وتابع جودة "أما في الجانب الإنساني–التنموي، فتقود مصر مبادرة “إعادة إعمار غزة” ضمن رؤية استراتيجية تعزز حضورها الإقليمي، وتمتلك القاهرة شبكة علاقات قوية مع المانحين، فضلًا عن دورها المحوري عبر معبر رفح الذي يمثل شريان الحياة للقطاع، كما باشرت شركات مصرية تنفيذ مشروعات كبرى تشمل البنية التحتية والإسكان والطاقة.

لا إعمار دون مصالحة 

وتحمل الرسالة المصرية بعدًا سياسيًا واضحًا: "لا إعمار دون مصالحة، ولا استقرار دون دور مصري فاعل".

إقليميًا، تحظى التحركات المصرية بتفويض ضمني من واشنطن، ودعم من قطر والسعودية، التي ترى في القاهرة الضامن الأخير لمنع تمدد النفوذ الإيراني أو التركي في غزة.

وفي المحصلة، لا تقتصر الجهود المصرية على الوساطة اللحظية، بل تمثل مشروعًا استراتيجيًا لإعادة تشكيل التوازنات الفلسطينية والإقليمية، انطلاقًا من إدراك راسخ بأن استقرار غزة هو مفتاح استقرار سيناء والمنطقة بأسرها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق