شهدت قاعة المؤتمرات بالقرية الأولمبية اليوم الثلاثاء، انعقاد ندوة علمية موسعة بعنوان "الفنون الشعبية في زمن العولمة.. التحديات والفرص"، ضمن فعاليات مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية في دورته الخامسة والعشرين.
يُقام المهرجان تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، واللواء أكرم جلال محافظ الإسماعيلية، وتنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، بالتعاون مع عدد من الجهات الشريكة منها وزارة الشباب والرياضة وهيئة قناة السويس وهيئة تنشيط السياحة.
الثقافة الشعبية.. الذاكرة الحية للمجتمع
افتتح الندوة الدكتور مسعود شومان رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية، موضحًا أن الثقافة الشعبية هي “المصمم والمعالج الحقيقي للفنون”، مشيرًا إلى أن الرقص الشعبي انعكاس للمواقف الإنسانية والاجتماعية في البيئة المحلية.
وأكد أن الفنون الشعبية ليست جامدة، بل تتغير وفق البيئة والثقافة والسياق الاجتماعي، رغم تشابه الحركات الشكلية، لافتًا إلى أن الجمهور أصبح أكثر وعيًا بالفن الشعبي وقضاياه.
العولمة تهدد التنوع.. ووسائل الإعلام مفتاح الحماية
تطرق "شومان" إلى تأثير العولمة وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، موضحًا أنها أدت إلى طمس الفروق بين أنماط الأداء الشعبي، حتى بدت بعض الفرق وكأنها تنتمي إلى مدرسة واحدة.
لكنه شدد على أن وسائل الإعلام قادرة على حماية التراث إذا استخدمت بوعي لنقل القيم الأصيلة والهوية الثقافية.
فرقة رضا.. نموذج للفن الأصيل والعمل الجماعي
من جانبها، أكدت الفنانة إيناس عبد العزيز عبد الظاهر، مديرة فرقة رضا للفنون الشعبية، ضرورة ترسيخ الانتماء الثقافي لدى الأطفال منذ الصغر، مشيرة إلى أهمية التزام كل فرقة بلونها الفني الخاص دون الخلط بين الفنون.
وأعلنت عن مشروع ميداني للبحث عن الفنان الشعبي الأصيل في المحافظات، بهدف توعية الجمهور بالفنون التراثية مثل السمسمية والسويسية وغيرها.
أما الدكتور مدحت فهمي، فأشار إلى تسلل مفردات دخيلة إلى الرقص الشعبي مثل “العقباوي” و“كاليفورنيا”، ما أدى إلى طمس الحركات الأصلية، مؤكدًا ضرورة أن تمثل كل فرقة محافظتها، لا مصر كلها، حفاظًا على التنوع والخصوصية.
الإبداع الشعبي بين الأصالة والتجديد
وأوضح المايسترو أشرف عوض الله أن الفنون الشعبية لا تقتصر على الأداء فقط، بل تعكس روح المجتمع وتنوع ثقافاته، محذرًا من سطو المفاهيم الأجنبية على التراث المصري.
وأشار إلى أن الإبداع الحقيقي في استلهام التراث دون تشويهه، ضاربًا المثل برقصة “الحجالة” وآلة السمسمية اللتين تعرضتا لتحريفات أفقدتهما بعض ملامحهما الأصلية.
التراث الشعبي يواكب التكنولوجيا دون أن يفقد هويته
من جهته، أكد الدكتور خالد أبو الليل، أستاذ الأدب الشعبي بجامعة القاهرة، أن استلهام النصوص التراثية في سياقات حديثة يعكس عمق الهوية المصرية، مشيرًا إلى أن التراث الشعبي يملك المرونة الكافية للتكيف مع التكنولوجيا.
ودعا إلى توظيف الذكاء الاصطناعي لخدمة الفنون الشعبية بدل تشويهها، مؤكدًا أن الموروث قادر على حماية ذاته من التشويش الثقافي.
توصيات الندوة وتكريم رموز الفنون الشعبية
شهدت الندوة عددًا من المداخلات، أبرزها تأكيد الفنان ماهر كمال على أهمية التسويق الخارجي لفرق الفنون الشعبية وتفعيل اللائحة المالية لضمان حقوق الفنانين وتحفيزهم.
كما أوصى الحضور بضرورة التحاق الفنانين الشعبيين بمعهد الفنون الشعبية لصقل مهاراتهم أكاديميًا.
واختتمت الندوة بتكريم الفنانة نور الهدى سيد حسن، والفنان سعيد عبد العال، واسم الراحل الفنان سمير جابر، تقديرًا لعطائهم المتميز في مجال الفنون التراثية.


















0 تعليق