فوجئت بردود أفعال إيجابية من السادة القراء على مقالة سابقة بعنوان ( الفهلوة العقارية ) والتي تعرضت لمجموعة من السلبيات الناتجة عن سوء جودة المنتج العقاري وضياع حق العميل بدءًا من عقد الإذعان الذي يوقعه في فرحة وبهجة وبعد سنوات الغربة والكفاح آملا" أن يحقق حلم العمر بالسكن المناسب والذي يجب أن يحقق السكينة والمنزل الذي يعكس المنزلة وذلك رغم الإعلانات المبهرة والمعارض الفاخرة والدعاية المكثفة.
وتساءل أحد القراء عن أسلوب الدفاع عن حقوق العميل الذي يقع في براثن بعض الشركات العقارية الغير ملتزمة والتي أطلقنا عليها في المقالة السابقة تجار العقار تفرقةً عن المستثمرين الجادين الملتزمين والشرفاء.
ومن هنا انبثقت فكرة إنشاء جمعية خدمية لها دور اجتماعي في الأساس لحماية المستهلك العقاري الذي غالبا" ما يكون غير متخصص أو غير متفرغ لمراقبة عملية تملك العقار بدءًا من كتابة العقد وأسراره المبهمة من شروط جزائية وأقساط بفوائد مركبة، مرورا بالتصميم وأشكاله الخادعة وألوانه المبهرة وطرق تسويقه المتعددة، والتي تتم أحيانًا من غير الحصول على الرخص اللازمة أوإتمام عملية نقل ملكية الأرض حتى مرحلة التنفيذ ومشاكله الأزلية ومواعيد تسليمه الممتدة بلا حدود ملزمة أو جزاءات مشروطة.
تلك الجمعية التي التي أقترح ان تتكون من مجموعة من المهتمين بالشأن العقاري في جميع مراحله ويمكن أن ينضم إليها المتخصصون في النواحي الهندسية والقانونية والإدارية والمحاسبية كما يمكن أن يتعاون معها رجال الأعمال الجادون والمتخصصون في التطوير العقاري لأنها في النهاية سوف تساعد على الحفاظ على سمعتهم التسويقية، ونمو استثماراتهم ورفع قيمة منتجهم النهائي، والتي تحقق ما يسمى بتصدير العقار بشفافية ووضوح لصالح سمعة مصر في النهاية ولهذا حديث تفصيلي آخر.
ويكون هدف الجمعية هو حماية العميل ضد التلاعب أو الإهمال او الاستسهال ومساعدته في التأكد من إتباع معايير ضبط الجودة والحفاظ على مستوى تنفيذ العقارات من ناحية التشطيب والالتزام بما ورد في كتالوج البيع من شروط والتزامات ومواد تشطيب، وكذلك بما ورد في عقد البيع للعميل وهو المستعمل النهائي للوحدة السكنية والذي يدفع في النهاية ثمن كل اخطاء المنظومة العقارية بدءا" من المطور للاستشاري للمقاول للبائع للمعلن للسمسار.
هذه المساعدة أو الحماية لا تتعارض مع دور الاستشاري المشرف على التنفيذ إن وجد لأن غالبية المطورين يلجأون إلى الإشراف الداخلي ( من دقنه وافتل له ) وبالتالي يصعب إن لم يستحيل أن تتم عملية الإشراف باحترافية وتجرد ومسئولية طالما لا يوجد طرف ثالث خارجي يتحمل المسئولية ويحافظ على سمعته المهنية وهي عملية أشبه بالمراجع الداخلي للحسابات الذي لا يستطيع أن يحل محل المراقب القانوني الخارجي لأن الأخير يكون بحكم اسقلاليته قادرًا على كشف العيوب وإظهارالمشاكل قبل استفحالها.
تتم هذه المنظومة نتيجة عدة تراكمات سلبية تصالح معها المجتمع ومارسها بأريحية المصري واستسهاله وتوكله على الله منها عدم قدرة أو رغبة العميل في الدخول في منازعات قضائية يقضي فيها عمره وربما لا تحل قبل جيل أو جيلين ولنا في قانون تخفيض وتثبيت الإيجارات بعد نصف قرن أسوة سيئة رغم علم الجميع بعدم دستوريته ولا قانونيته، ومنها تسلح الشركات بجيش من المحامين والمحاسبين المتخصصين في السيطرة على العميل وتقييده بكل الأساليب الملتوية والتي ذكرت بعضها في المقالة السابقة كمثال خصم 10% من كامل قيمة العقار عند الرجوع في صفقة البيع أو تطبيق فوائد باهظة عند التأخر في دفع أي قسط، أما العكس وهو عدم الالتزام بأي من شروط التعاقد بدءًا من سند الملكية وصحة التراخيص حتى موعد التسليم أو بجودة المنتج النهائي فلا عقاب ولا غرامة ولا شروط جزائية تحمي المواطن المسالم الذي يحلم حلم العمر بتملك وحدة سكنية يعتبرها ملاذًا ضد غدر الزمن ومخزنا" للثروة ضد مدرسة الريان وتوظيف الأموال واستثمارا" للمستقبل ضد غول التضخم.
من هنا فإن التساؤل ما زال مطروحا هل حماية المستهلك العقاري ترف ام ضرورة؟















0 تعليق