تراجعت أسعار الفضة في الأسواق المحلية والعالمية خلال تعاملات الأسبوع الماضي بعد مكاسب قياسية أوصلت المعدن الأبيض إلى أعلى مستوى في تاريخه الحديث، متأثرة بارتفاع الدولار وعمليات جني الأرباح وتحسن نسبي في الإقبال على الأصول عالية المخاطر، وفق تقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن للأبحاث».
وأوضح التقرير أن أسعار الفضة محليًا انخفضت بنحو 9% خلال الأسبوع، حيث تراجع جرام عيار 800 من 81 إلى 74 جنيهًا، وسجل عيار 925 نحو 86 جنيهًا، وبلغ عيار 999 نحو 93 جنيهًا، بينما استقر سعر جنيه الفضة عند 688 جنيهًا. وعلى الصعيد العالمي، تراجعت الأوقية إلى مستوى 49 دولارًا بعدما كانت قد قفزت إلى 55 دولارًا في 16 أكتوبر، وهو أعلى سعر منذ أربعة عقود، قبل أن تتعرض السوق لموجة تصحيح طبيعية بعد تسع أسابيع من المكاسب المتواصلة.
وأشار التقرير إلى أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن التوصل لاتفاق تجاري “عادل” مع الصين خلال اجتماعات مرتقبة بين الجانبين، عززت التفاؤل في الأسواق ودعمت صعود الأسهم والسلع الدورية، فيما استقر الدولار قرب أعلى مستوى له في أسبوع مع تغطية مراكز البيع في أسواق المعادن، وهو ما زاد تكلفة الفضة على حائزي العملات الأخرى، وضغط على الأسعار.
ولفت «الملاذ الآمن» إلى اضطرابات غير مسبوقة تشهدها سوق الفضة العالمية، حيث تراجعت مخزونات لندن المتاحة للتسليم إلى نحو 125 مليون أوقية فقط مقارنة بأكثر من 305 ملايين أوقية قبل عامين، إلى جانب سحب أكثر من 29 مليون أوقية من مستودعات بورصة كومكس الأمريكية خلال أسبوعين، ما يعكس اختناقًا حادًا في الإمدادات المادية. ويرجع ذلك إلى توسّع الطلب الصناعي، خصوصًا في قطاع الطاقة الشمسية الذي بات المحرك الرئيسي لاستهلاك الفضة عالميًا، مع تجاوز الطلب للمعروض بأكثر من 678 مليون أوقية منذ 2021 وفق بيانات معهد الفضة العالمي.
وأكد التقرير أن التراجع الأخير للفضة لا يمثل تحولًا في الاتجاه، بل يُعد “تصحيحًا صحيًا” لإخراج المضاربين بعد ارتفاع تجاوز 45% خلال فترة زمنية قصيرة، بينما لاتزال العوامل الأساسية التي قادت الصعود قائمة، وفي مقدمتها نقص الإمدادات واستمرار التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة، إضافة إلى توجه البنوك المركزية لتعزيز احتياطياتها من الذهب والفضة في إطار تقليل الاعتماد على الدولار، وهو ما شكّل دفعة قوية للطلب الاستثماري على المعادن الثمينة.
وفيما يتعلق بتوقعات السياسة النقدية الأمريكية، أشار التقرير إلى أن الأسواق ترجّح خفضًا شبه مؤكد للفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماع الفيدرالي نهاية أكتوبر، مع توقعات بخفض آخر في ديسمبر المقبل، وهو ما سيعزز جاذبية الفضة والذهب باعتبارهما أصولًا لا تدر عائدًا، ويقلل تكلفة الفرصة البديلة لحيازتهما، ويزيد من تعقيد المشهد استمرار الإغلاق الحكومي بالولايات المتحدة، وتأخر صدور بيانات اقتصادية مهمة، ما يدعم التوجه نحو الملاذات الآمنة مع بقاء التضخم أعلى من مستهدف الاحتياطي الفيدرالي عند 2%.
وأضاف مركز «الملاذ الآمن» أن المرحلة الحالية تُعد انتقالية، إذ تدخل السوق في فترة تماسك استعدادًا لجولة جديدة من الارتفاعات المتوقعة مع بداية 2026، بدعم من استمرار أزمة الإمدادات وتعافي الطلب الصناعي، وتزايد المخاطر الجيوسياسية المرتبطة بالحرب الروسية الأوكرانية وتوترات التجارة العالمية. وأوضح أن أي تراجع إضافي سيكون محدودًا في ظل انكماش المخزونات الفعلية عالميًا وضغوط العرض في كل من لندن ونيويورك.
واختتم التقرير بالتأكيد على أن “التصحيح الأخير يُعد فرصة لإعادة بناء المراكز الشرائية، وليس بداية لانعكاس هابط”، مشيرًا إلى أن الفضة ستظل من بين أفضل الأصول أداءً في المرحلة المقبلة مع بقاء الأسواق في دائرة عدم اليقين وعودة السياسات التيسيرية عالميًا، بما يدعم استمرار الاتجاه الصاعد للمعادن الثمينة خلال العامين المقبلين.
تراجع أسعار الفضة بعد صعود تاريخي.. وتصحيح صحي يمهد لجولة جديدة من الارتفاعات
تراجع أسعار الفضة بعد صعود تاريخي.. وتصحيح صحي يمهد لجولة جديدة من الارتفاعات
















0 تعليق