من المقترح للتنفيذ.. كيف تحولت رؤية شرم الشيخ لخارطة طريق قبلتها واشنطن؟

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

اتفق العالم على أن قمة شرم الشيخ، التي استضافتها مصر في 13 أكتوبر 2025، لم تكن مجرد حدث دبلوماسي عابر، بل محطة مفصلية أنهت عامين من الحرب في غزة وأطلقت مسارًا جديدًا للسلام برعاية مصرية وأمريكية مشتركة، فالاتفاقية التي وقعها الرئيسين عبد الفتاح السيسي ودونالد ترامب، إلى جانب زعماء قطر وتركيا وشهد عليها  زعماء فرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة وآخرين، لم تولد من فراغ، بل جاءت تتويجًا لمبادرة مصرية بدأت كمقترح لتثبيت الهدوء وإعادة الإعمار، قبل أن تتبناها واشنطن رسميًا وتحولها إلى خارطة طريق للتنفيذ، بمشاركة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي لضمان إيصال المساعدات والحفاظ على وقف إطلاق النار.

دعوات مصر لوقف الحرب ورفض التهجير وادخال المساعدات

ولطالما دعت مصر في لقاءاتها الدولية والدبلوماسية على الوضع المأساوي غير المحتمل في قطاع غزة، بما في ذلك الكارثة الإنسانية والخسائر البشرية الفادحة، فضلا عن عواقبه الخطيرة على المنطقة وتأثيره على العالم الإسلامي ككل.

في مارس 2025 أطلقت القاهرة، بقيادة الرئيس السيسي، مبادرة دعت لوقف إطلاق النار في غزة، مع رفض أي تهجير قسري وضمان وصول المساعدات الإنسانية. ودعت إلى عقد قمة عربية طارئة في القاهرة للتوافق عليها.

وقد أكدت القمة العربية الطارئة بالفعل في مارس على رفض تهجير الفلسطينيين واعتماد خطة مصر لإعمار غزة، مع الدعوة لنشر قوات حفظ سلام دولية وفتح المعابر لإنهاء الأزمة الإنسانية، وهى جميعها بنود جاءت في رؤية شرم الشيخ التي وصفها ترامب بـ "سلام قوي ودائم ودائم".

نصت المبادرة على جمع الأطراف الإقليمية والدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، لتنسيق جهود حماية المدنيين والحفاظ على وقف إطلاق النار، وفق البيان الختامي للقمة.

توافق الدول العربية ودور الولايات المتحدة

وعلى ضوء المبادرة المصرية، عقد الرئيس ترامب اجتماعًا مع قادة الدول العربية والإسلامية في نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، شارك فيها ممثلا عن مصر رئيس الوزراء مصطفى مدبولي وممثلون عن الأردن وقطر وتركيا وباكستان وإندونيسيا، إضافة إلى وزيري خارجية السعودية والإمارات.

وعقب الاجتماع، أعرب الرئيس السيسي معلقا على اللقاء عن تقديره لجهود ترامب لتحقيق وقف الحرب، مشيرًا إلى أن النقاشات شكلت "أساسًا هامًا يمكن البناء عليه لتحقيق السلام". 

وذكر بيان الرئاسة أن القادة "جددوا في لقائهم مع ترامب، تأكيد الموقف المصري المشترك الرافض للتهجير القسري وضرورة السماح بعودة الذين غادروا"، كما شددوا على ضرورة وضع خطة شاملة لإعادة إعمار غزة استنادا إلى خطة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، فضلا عن الترتيبات الأمنية، مع مساعدة دولية لدعم القيادة الفلسطينية.

إعلان ترامب لوقف الحرب

وبعد أقل من أسبوع وتحديدًا في 29 سبتمبر، صرح ترامب بأن إسرائيل وحماس "وقعتا على المرحلة الأولى" من خطته للسلام في غزة، والمكونة من 20 نقطة، في خطوة رئيسية نحو إنهاء دائم لعامين من الحرب.

وكشف ترامب عن الخطة في البيت الأبيض بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي أكد قبول إسرائيل للشروط.

وشملت الخطة، إنشاء قوة متعددة الجنسيات لمراقبة وقف إطلاق النار وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية وتنسيق إعادة المحتجزين والأسرى والنازحين. وقد وافقت حماس على إعادة جميع الأسرى الـ48 المتبقين في غزة مقابل إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين، وعلى فكرة تسليم إدارة غزة لتكنوقراط فلسطينيين.

وبحسب تقرير لواشنطن بوست في 14 أكتوبر فأن هذه النقاط تمثل النسخة الأمريكية الرسمية للخارطة التنفيذية، مع دمج الرؤى المصرية والإقليمية، لتكون إطارًا عمليًا للتنفيذ.

عقد مؤتمر شرم الشيخ وتوقيع الاتفاق

في 13 أكتوبر 2025، انعقد المؤتمر الدولي للسلام في شرم الشيخ برئاسة الزعيمان السيسي وترامب، ومشاركة زعماء قطر وتركيا وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة.

وذكر تقرير لصحيفة لوموند الفرنسية أن المؤتمر أسفر عن توقيع اتفاقية رسمية لإنهاء الحرب، تضمنت البنود الرئيسية لمقترح الـ20 نقطة، مع التأكيد على حماية المدنيين وضمان.

وأوضحت أن الاتفاقية تمثل الانتقال من المبادرة المقترحة إلى خارطة طريق عملية مدعومة رسميًا من واشنطن، وتشمل إعادة الإعمار بتكلفة تقديرية تبلغ نحو 70 مليار دولار وفق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

عقب التوقيع، قال ترامب: "هذه الخطوة تمثل التزامًا أمريكيًا جادًا نحو السلام في غزة"، بينما أكد السيسي أن "الاتفاق يؤكد أهمية التعاون الدولي لإعادة إعمار غزة وتحقيق استقرار دائم للمنطقة".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق