قال المحلل السياسي الفلسطيني عبد المهدي مطاوع إن ما يجري من نقاشات ومخططات بشأن مستقبل قطاع غزة يشي بخطر حقيقي يتمثل في تقسيم القطاع عملياً إلى منطقتين: منطقة "صفراء" تحت إشراف إسرائيلي، وأخرى تحت سيطرة حركة حماس، محذراً من أن هذا السيناريو يشكل «أخطر مراحل الحرب» ويهدد مستقبل غزة وسلامة سكانها.
وأضاف مطاوع أن الخطورة الأساسية تكمن في أن إعادة الإعمار ستبدأ في المناطق التي تخضع لسلطة إسرائيل، ما يعني عملياً أن هذه المناطق ستحظى بالتنمية والرفاهية الاقتصادية وقد تُدار خدماتها ومواردها من قبل شركات ذات مصالح إسرائيلية، بينما تبقى مناطق سيطرة حماس في حلقة «الحصار والتضييق»، محرومة من أي أفق للتعافي.
التقسيم الميداني يخدم مصلحة الاحتلال
وذكر مطاوع أن هذا التقسيم الميداني يخدم مصلحة الاحتلال لأنه يخلق واقعًا ثنائياً داخل القطاع: أولئك الذين يقبلون شروط الاحتلال سيجدون حياة ميسرة نسبيًا، بينما الذين يرفضون تسليم السلاح أو التنازل عن موقفهم السياسي سيبقون معزولين ومهددين بالتهجير البطيء.
وحذر مطاوع من أن الهدف الاستراتيجي من هذا المسار قد يكون التهجير، حتى لو جاء على نحو ناعم أو ما يُسمى بالتهجير الطوعي، لأن استمرار حالة الحرمان وبطء إعادة الإعمار ستدفع أعدادًا كبيرة من الأهالي للتفكير في الهجرة بحثًا عن لقمة عيش مستقرة.
وأضاف: «هذا ما يريد مُشرِّعو هذه الخطط: تفريغ الأرض من أهلها تدريجيًا، وليس بالضرورة عبر طرد علني».
وأكد مطاوع أن إجهاض هذا المخطط يستلزم الانتقال سريعًا إلى المرحلة الثانية المتفق عليها: وضع إطار واضح لإدارة القطاع بعد الحسم الأمني يضمن سيادة فلسطينية، ويمنع أي وصاية أو إدارة أجنبية تعمل لصالح طرف خارجي.
كما دعا إلى حوار وطني شامل يجمع الفصائل والقيادة الفلسطينية والشركاء الإقليميين، لإقرار آليات إعادة إعمار شفافة وتضمن توزيعاً عادلاً للمعونات وفرص العمل والحماية الاجتماعية، بعيدًا عن أي شروط تُكرّس التقسيم أو السيطرة الاقتصادية الإسرائيلية.
وختم مطاوع بالقول إن المعركة الآن ليست فقط عسكرية أو سياسية، بل هي معركة وجودية لمنع تفكيك النسيج الاجتماعي والسكّاني في غزة. علينا أن نرفض بكل وضوح أي مشاريع تُحاول تحويل إعادة الإعمار إلى غطاء لفرض واقع جديد يقوّض حق شعبنا في أرضه وكرامته».
0 تعليق