قال الباحث السياسي ورئيس تحرير موقع الرواية الأولى، مجدي عبد العزيز، إن نجاح الاجتماع لدول الرباعية المعنية بالأزمة السودانية "يتوقف على مدى قدرة هذه الدول على استيعاب تطلعات الشعب السوداني ورؤية قيادته السياسية والعسكرية".
وأوضح عبد العزيز خلال حديثه لـ"الدستور"، أن ما قامت به مصر من تحركات واتصالات مكثفة مؤخرًا يعكس إدراكها لأهمية إشراك الرؤية السودانية في أي مسار للحل، مشيرًا إلى أن هذا التحرك بدأ بـ زيارة وزير الخارجية المصري إلى مدينة بورتسودان، وتُوج بـ زيارة رئيس مجلس السيادة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، إلى القاهرة، ولقائه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي في مشاورات وصفها بأنها "استقصائية واستباقية تهدف لتقريب وجهات النظر وتهيئة المناخ الإقليمي لأي تسوية محتملة".
الرؤية السودانية الرسمية والمقرحات التي تتعلق بالازمة
وأضاف أن السودان ليس عضوًا في مجموعة الرباعية الدولية، التي تضم مصر والولايات المتحدة والسعودية والإمارات، وهو ما يجعل من الضروري أن تستصحب هذه الدول الرؤية السودانية الرسمية في أي مقترحات أو مبادرات تتعلق بالأزمة.
وقال: "الرباعية لا تستطيع أن تضع حلولًا أو تحدث اختراقات حقيقية ما لم تنطلق من رؤية القيادة السودانية وموقفها الوطني الواضح".
وأشار عبد العزيز إلى أن الحكومة السودانية كانت قد طرحت بالفعل خارطة طريق واضحة جدًا لحل الأزمة، تقوم على إنهاء حالة التمرد واستعادة الأمن والاستقرار في البلاد، وبيّن أن الخرطوم تعتبر ما يجري عدوانًا خارجيًا تدعمه دول معينة تمد الميليشيا المتمردة بالعتاد العسكري والتمويل، مؤكدًا أن ما حدث داخل السودان هو تمرد من قوة عسكرية كانت تتبع للقوات المسلحة، وبالتالي فإن استعادة الدولة لسيادتها يمر عبر إنهاء هذا التمرد ووقف أي دعم خارجي يغذّي الحرب.
وشدد على أن استمرار تدفق الدعم الخارجي إلى الميليشيا يجعلها قادرة على مواصلة القتال واستمرار معاناة المدنيين، مضيفًا أن هذا الواقع يفاقم نيران الحرب داخل السودان ويطيل أمد الصراع بشكل متعمد.
وفي حديثه عن الوضع الإنساني، انتقد عبد العزيز ما وصفه بـ "التباطؤ الدولي المؤسف" في تقديم المساعدات والعون الإنساني للمواطنين السودانيين، خاصة في مدينة الفاشر، التي تواجه أوضاعًا مأساوية نتيجة الحصار والدمار الواسع.
وقال إن هذا الإهمال "يدرج تحت قائمة العار الدولي"، معتبرًا أن "العالم اليوم يتعامل بمكيالين في القضايا الإنسانية، حيث تُعطى الأولويات لأزمات معينة ويتم تجاهل أخرى كالحرب في السودان".
وأضاف: "بدأ البعض فعلًا يتحدث عن الحرب المنسية في السودان، وهذا التعبير يعكس حجم الإحباط الشعبي من ضعف الموقف الدولي وانشغال المجتمع الدولي بأزمات أخرى، بينما يعيش السودانيون واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في تاريخهم الحديث".
وختم عبد العزيز تصريحه بالتأكيد على أن أي تسوية سياسية أو تحرك دولي لن ينجح ما لم يستند إلى الموقف الوطني السوداني، ويعالج جذور الأزمة بعيدًا عن الضغوط الخارجية والمصالح المتقاطعة.
كما دعا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليته الأخلاقية والإنسانية تجاه الشعب السوداني، عبر دعم جهود الاستقرار وتقديم المساعدات العاجلة بعيدًا عن الانتقائية والمعايير المزدوجة.
0 تعليق