في خطوةٍ تعكس تصاعد الخلافات داخل أروقة الحكومة الإسرائيلية، أعلن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مساء اليوم، إقالة رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي من منصبه، في وقتٍ دعا فيه الأخير إلى فتح تحقيق شامل في فشل إسرائيل خلال هجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر 2023، محمّلًا نفسه جزءًا من المسؤولية
قرار مفاجئ في لحظة توتر سياسي
وجاء في بيان رسمي صادر عن مكتب نتنياهو أن "رئيس الوزراء يتقدم بالشكر لتساحي هنغبي على خدمته كرئيس لمجلس الأمن القومي خلال السنوات الثلاث الماضية، ويتمنى له دوام الصحة والنجاح في مساعيه المستقبلية".
وأضاف البيان أن نتنياهو قرر تعيين نائبه جيل رايش قائمًا بأعمال رئيس مجلس الأمن القومي بشكل فوري، في خطوةٍ بدت كجزء من إعادة ترتيب داخل الدائرة الأمنية والسياسية في تل أبيب، وسط تزايد الضغوط الداخلية على الحكومة.
رسالة وداع مثيرة.. وتحميل الذات جزءًا من الفشل
وفي رسالة نشرها بمناسبة خروجه من المنصب، قال هنغبي إنه “يشعر بالمسؤولية عن الإخفاقات التي رافقت هجوم 7 أكتوبر”، داعيًا إلى تحقيق شامل وعميق لاستخلاص الدروس وضمان عدم تكرار الفشل.
وأضاف:"السابع من أكتوبر لم يكن مجرد يوم عسكري صعب، بل اختبارًا لصلابة مؤسساتنا. علينا أن نستعيد الثقة التي تزعزعت بين الجمهور والقيادة.”
وأكد هنغبي أن “الحملة متعددة الجبهات لم تنتهِ بعد، وأن مهمة إعادة الأسرى وضمان تجريد غزة من السلاح ما زالت غير مكتملة.”
صدامات متكررة مع وزراء متشددين
وأشارت مصادر حكومية إلى أن قرار الإقالة لم يكن مفاجئًا داخل أروقة الحكومة، حيث تكررت المواجهات بين هنغبي وعدد من الوزراء المتطرفين، أبرزهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
وشهد أحد الاجتماعات الأخيرة نقاشًا حادًا انتهى بتبادل الصراخ والإهانات الشخصية بين هنغبي وبن غفير، بعد اعتراض الأخير على مقترح يسمح بزيارة الصليب الأحمر لسجناء فلسطينيين من حركة فتح.
ووفقًا لشهود داخل الجلسة، “تحول الاجتماع إلى مشهد فوضوي غير مسبوق، عكس حالة الانقسام داخل حكومة نتنياهو”.
أصابع الاتهام نحو مجلس الأمن القومي
في سياق متصل، وجّه عدد من القادة العسكريين والسياسيين السابقين انتقادات حادة لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، متهمين إياه بفقدان دوره وتأثيره في صنع القرار.
وقال عضو الكنيست ورئيس الأركان السابق غادي آيزنكوت إن “المجلس أصبح هيئة بلا أنياب، لم أرَ له أي تأثير خلال الحرب حتى بمقدار مليمتر واحد”.
وأضاف “الحكومة الحالية تضم ما بين 50 إلى 80 عضوًا، وهو عدد ضخم يجعل أي نقاش استراتيجي جاد أمرًا شبه مستحيل. الفوضى السياسية انعكست على القرارات الأمنية.”
هنغبي: الوحدة الإسرائيلية في خطر
وفي ختام بيانه، دعا هنغبي إلى “تضميد جراح المجتمع الإسرائيلي وتعزيز الوحدة الداخلية”، مؤكدًا أن “استعادة التضامن الشعبي شرط أساسي لبقاء إسرائيل”.
وقال“لقد أثبتت ساحات القتال أن وحدة الجنود قادرة على كسر أوهام الأعداء، لكن الانقسام داخل المجتمع قد يكون الخطر الأكبر على الدولة من أي تهديد خارجي.
انقسام عميق داخل حكومة نتنياهو
تأتي إقالة هنغبي في ظل تزايد الخلافات داخل حكومة نتنياهو اليمينية حول مستقبل الحرب في غزة، واتهامات متبادلة بين أركان الحكومة بشأن المسؤولية عن الفشل الاستخباراتي والعسكري في السابع من أكتوبر.
ويرى مراقبون أن هذه الإقالة قد تمهد لإعادة تشكيل داخل مؤسسات الأمن الإسرائيلية، وربما تشير إلى محاولات من نتنياهو لإلقاء اللوم على شخصيات مقربة منه سابقًا، في محاولة لتخفيف الضغط الشعبي والسياسي المتزايد.
أزمة ثقة تهز القيادة الإسرائيلية
يبدو أن الإطاحة بتساحي هنغبي ليست سوى فصل جديد في أزمة القيادة داخل إسرائيل، بعد عام من الفشل الميداني في غزة وتراجع ثقة الشارع في حكومة نتنياهو.
ومع اتساع المطالبات بلجنة تحقيق رسمية حول أحداث 7 أكتوبر، تتجه الأنظار الآن إلى كيفية تعامل نتنياهو مع هذه العاصفة السياسية التي تهدد استقرار حكومته وتعيد خلط الأوراق داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية
0 تعليق