كشف الكاتب حازم هاشم، في كتابه «مؤامرة على العقل المصري.. أسرار ووثائق» الصادر عن مكتبة الأسرة، عن وثائق تاريخية نادرة تُظهر جانبًا خفيًا من التواجد اليهودي في مصر إبان الحرب العالمية الأولى، ودور الاحتلال العثماني في إدخال آلاف اليهود إلى البلاد.
وبحسب ما أورده "هاشم"، نقلًا عن نشرة المركز الإسرائيلي بالقاهرة الصادرة مطلع عام 1982، وهي مجلة فصلية باللغة الإنجليزية، فإن السلطات العثمانية قامت بنفى نحو 11،277 يهوديًا من فلسطين إلى مصر في الفترة ما بين ديسمبر 1914 ونوفمبر 1915، بدعوى تعاونهم مع قوى معادية.
وأضاف"هاشم"، أن عدد اليهود في مصر آنذاك بلغ نحو 60 ألف شخص، وفق ما ذكرته الكاتبة الإسرائيلية نوريث جوفرين في المقال الأصلي.
وأوضح المؤلف أن بين هؤلاء المنفيين عددًا كبيرًا من المثقفين والمدرسين، من بينهم الدكتور بوجراشوف، أحد مدرّسي مدرسة هرتزليا العليا في تل أبيب، الذي افتتح فرعًا للمدرسة في مدينة الإسكندرية بعد وصوله إليها.
ويتابع "هاشم" نقلًا عن "جوفرين" أن المهاجرين سعوا للحصول على ترخيص لإصدار مجلة عبرية ثقافية تعبّر عن الأدب والفكر الصهيوني، وقد نجحوا في ذلك عام 1917، بإصدار مجلة بعنوان «إن تحار» (بالعبرية: في المنفى)، صدرت من الإسكندرية عن جمعية "ها تحيا" (الأحياء)، وكان يشرف على تحريرها الصحفي يوسف أهارونوفيتش، مؤسس جريدة "هابوعيل هاتسعير" عام 1907.
وتشير المراسلات الشخصية لـ "أهارونوفيتش" في الفترة من 1916 إلى 1918 إلى حالة من الاكتئاب والاغتراب عاشها معظم المهاجرين، رغم الظروف المعيشية الجيدة في مصر، نتيجة شعورهم بالغربة عن اللغة والعادات المحلية، في ما كانت جوفرين تصفه بـ«المنفى البعيد عن الوطن في فلسطين».
كما لفت الكاتب إلى أن زوجة أهارونوفيتش، الأديبة دفورا بارون، عبّرت عن تلك المشاعر في روايتها «المنفى» الصادرة عام 1970، حيث تصوّر بطلتها – وهي يهودية منفية في الإسكندرية – وهي ترى المدينة «جنة من الجمال والحدائق والنوافير»، لكنها رغم ذلك تقول: «لكن أرض مصر هي أيضًا المنفى.. لا بد من العودة إلى أرض الميعاد».
ويخلص هاشم إلى أن هذه الشهادات تُعد وثيقة نادرة تكشف كيف كانت مصر ملاذًا قسريًا لليهود المنفيين من فلسطين على يد العثمانيين، لكنها في الوقت ذاته شكلت لهم مساحة ثقافية جديدة، حاولوا فيها أن يجدوا لأنفسهم موطئ قدم فكري في الشرق العربي خلال بدايات القرن العشرين.
0 تعليق