الكرة المغربية تصنع التاريخ.. ونحن نصنع اللجان الاليكترونية !

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الإثنين 20/أكتوبر/2025 - 09:45 ص 10/20/2025 9:45:54 AM

من يزرع المنظومة.. يحصد البطولة.. من يخطط للمستقبل بجدارة.. يصل للصدارة.. لم يكن تتويج منتخب الشباب المغربي بكأس العالم في تشيلي مجرد فوز بالصدفة، بل انه تتويجًا طبيعيًا لمسارٍ مدروس لا علاقة له بالفهلوة أو الشعارات والتصريحات الرنانة و"اللجان الاليكترونية المدفوعة" التي تدافع عن الفاشلين والفاسدين.
استحق منتخب شباب المغرب لقب "قاهر الكبار" بعد ان اكتسح كبار الكرة العالمية إسبانيا والبرازيل وفرنسا والأرجنتين، ولم يكن اسود الاطلسي فريقًا "مفاجئًا"، بل نتيجة "مشروع قومي " مغربي مدروس ويعرف إلى أين يسير ووضع قدمه علي طريق العالمية بجدارة.
مشروع الكرة المغربية بدأ منذ سنوات بأكاديمية محمد السادس للكرة، التي تحولت إلى ورشة وطنية لإنتاج الأجيال، ويتم صناعة اللاعب المغربي منذ الصغر بعقلية احترافية، تعليمية، وانضباطية، وكيفية تسهيل احتراف هؤلاء اللاعبين في اوربا  دون المغالاة في العقود المالية.. الكرة المغربية تبني مستقبلها، طوبة فوق طوبة، وموهبة وراء موهبة، والنتيجة كانت انتصارات وبطولات ومنافسة الكبار.. في الوقت الذي ما زالت فيه الكرة المصرية تعيش على أطلال التاريخ وتغرق في الفوضي والعشوائية والمبالغة في اسعار اللاعبين واهدار المال دون حسيب ولا رقيب، وترفض الاندية السماح للاعبين بالاحتراف في اوربا حتي لو كان ضد مصلحة المنتخبات، ولا يجرؤ اتحاد الكرة علي مواجهة جبروت الاندية الجماهيرية، وبسبب المصالح الانتخابية.
في اتحاد الكرة المغربي، هناك تخطيط واحترافية وعلم ورؤية.. اما اتحاد هاني ابوريدة، هناك عشوائية ومجاملات واهدار مال واحباط اجيال وتدمير للمواهب.
في المغرب، الأكاديميات تصنع لاعبين تجني انتصارات وبطولات وتسطر التاريخ.. اما في مصر، الأكاديميات مجرد سبوبة ومجاملات، تصنع لنا لاعبين يجيدون الصورة واللقطة والمنظرة، واصبح اغلب نجوم الكرة المصرية تجيد اللعب في السوشيال ميديا فقط.
المغاربة فهموا أن كرة القدم ليست موهبة فقط، بل علم وتخطيط واستثمار طويل المدى، ولهذا لم يكن غريبًا أن نرى مسلسل الإنجازات بداية من التأهل للمربع الذهبي في مونديال قطر، إلى برونزية الأولمبياد، وبطولات إفريقيا تحت 17 و20 و23 سنة، وصولًا إلى التتويج العالمي للشباب، ولديهم تواصل اجيال بطريقة منظمة، وكل مرحلة تسلم التالية، وكل جيل يخدم القادم،هكذا يتم بناء الأمجاد الرياضية.
أما الكرة المصرية تغرق في ازمات وهمية بسبب الفوضي والعشوائية، والتصريحات العنترية التي لن تصنع أجيالًا ولا امجادا حتي لو فازت ببطولة بالصدفة، ومازلنا نعيش زكريات جيل المعلم حسن شحاتة الذي قهر كبار افريقيا وفاز بثلاث بطولات امم افريقية متتالية، ولم نسأل كيف تم صناعة هذا الجيل  ؟
إنه جيل أحمد فتحي وعماد متعب وحسني عبدربه وعمرو زكي وميدو وغيرهم من النجوم، وهذا الجيل نتاج "مشروع قومي " بعيد المدي، وتم تأسيسه بطريقة علمية احترافية، وليس جيلا تم صناعته بالعشوائية  والمحسوبية، بل انه كان صناعة مشروع قومي للبراعم بدأ عام 1995 في عهد اتحاد اللواء الدهشوري حرب، بصراحة الكرة المصرية تحتاج إلى شجاعة مواجهة الذات وتحتاج الي مشروع قومي جديد، ولابد أن نعترف أن المشكلة ليست في اللاعبين او المدربين، بل في المنظومة العشوائية التي تقتل الموهبة، المشكلة تكمن في غياب الاحترافية والتخطيط الذي جعلنا نشاهد الآخرين وهم يصعدون السلم درجةً درجةً للوصول للعالمية، بينما نحن نبحث عن المصعد العطلان، ونصنع الازمات والتعصب لتوجية الجماهير والرأي العام عن طريق اللجان الاليكترونية المدفوعة، ولو ان المسئولين عن الرياضة المصرية في الاتحادات والاندية وفروا المبالغ التي تهدر علي هذه اللجان الاليكترونية، وتم توجيه هذه المبالغ المالية لتطوير الرياضة لكانت  النتيجة انتصارات وبطولات.
المغاربة وصلوا إلى العالمية لأنهم احترموا اللعبة وخططوا لها، ونحن تأخرنا لأننا نسعي للحفاظ علي المناصب واختيار اهل الثقة، مما تسبب في اهدار المال العام واهدار المواهب، ربما آن الأوان لنسأل أنفسنا السؤال الصعب، متي نخطط لمستقبل الكرة المصرية بطريقة علمية واحترافية ؟  متي يتم ايفاف مسلسل الفساد الرياضي ؟ 
لابد من تدخل صارم من وزارة الرياضة لفرض رقابة شديدة علي الاتحادات والاندية لتفعيل الاحتراف الحقيقي والخطط المستقبلية الفعالة ومحاسبة كل الفاشلين.
هل نملك الشجاعة أن نبدأ من الصفر، وباسلوب علمي احترافي، ويتم نسف النظام القديم وتطهير الرياضة المصرية من "شلة الانس" في الاتحادات والاندية، أم سنظل نعيش علي التصريحات وأمجاد الماضي، بينما المغرب  ومعظم الدول العربية والافريقية يكتبون تاريخ المستقبل؟

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق