يُعد جمال الغيطاني، والذي رحل عن دنيانا في مثل هذا اليوم من العام 2015، أحد أعمدة السرد العربي الحديث، حيث أثرى المكتبة العربية بأعمال روائية وقصصية وسير ذاتية شكلت بصمة خاصة في المشهد الأدبي المصري والعربي.
الوطن ميدان قتال جمال الغيطاني
في العام 2012، عام حكم جماعة الإخوان الإرهابية لمصر، وما أن أعلن عن فوز محمد مرسي، بمنصب رئيس الجمهورية، حتى كتب جمال الغيطاني مقاله “وداعا مصر التي نعرفها”.
لم يكن ما كتبه “الغيطاني” في هذا المقال مجرد مرثية لمصر إثر وقوعها بين براثن الجماعة الإرهابية، بقدر ما كان استشراف ــ بحكم معرفة الغيطاني لتاريخ الجماعة الدموية ــ للطريق المظلم الذي كادت تهوي إليه مصر لولا أن قامت ثورة الثلاثين من يونيو في العام 2013.
وحول أثر هذه الفترة الصعبة من تاريخ مصر بشكل عام وعلى الغيطاني بشكل خاص، تحدث نجله محمد الغيطاني في إحدى الفضائيات قائلا إن الثابت في حياة جمال الغيطاني وطنيته وقيمة مصر لديه، هذه كانت ثوابته التي لم يساوم يوما عليها إطلاقا، هذه الثوابت كانت بالنسبة له هي ميدان القتال الخاص به.
وتابع “الغيطاني” موضحا: "وحتى بعد حرب أكتوبر 1973، بعض من يطلق عليهم مؤرخين مجازا، كتبوا في تطاول وتجاوز عن حرب الاستنزاف، فما كان من جمال الغيطاني إلا أن تصدى لهم ومن خلال القضاء، حيث أقام عدة دعاوى قضائية، فالأمر بالنسبة إليه كان أنه شرف وطن وبلد في مرحلة كان هو شاهدا عليها بشكل خاص.
جمال الغيطاني: جماعة الإخوان لا تؤمن بفكرة الوطن
يستهل جمال الغيطاني، مقاله “وداعا مصر التي نعرفها”، بوضع يده على حقيقة الجماعة الإرهابية، وطمعها في الحكم، وأن مصر الوطن بالنسبة لها كما صك سيد قطب مصطلح الجماعة عما تمثله مصر للجماعة وعقيدتها وأفكارها، “ما الوطن إلا حفنة من التراب العفن”، ورددها من بعده مرشدها مهدي عاكف في أكثر من مناسبة وحديث إعلامي.
يقول الغيطاني: “وصلت جماعة الإخوان التي لا يؤمن قادتها بفكرة الوطن إلى ذروة السلطة في بلد لا يعترفون بتاريخه، أو حدوده، أو خصوصيته، أي إنهم يحكمون الآن وطنًا لا يعترفون به، إنه مجرد ولاية ضمن ولايات سوف يحكمها الخليفة المنتظر، الذي ربما يكون أحد شيوخ الخليج أو رجل أعمال من ماليزيا، أما العاصمة فهي القدس، هذا ما أعلنه أحد دعاتهم، لحظة فارقة في مسار وطن نودعه فيها إلى حين، وأؤكد إلي حين، فسرعان ما سيكتشف المصريون الكارثة التي اختارها بعضهم في أول انتخابات تجري في تاريخنا الحديث لانتخاب رئيس، وكما يقول المؤرخون المصريون في العصور الوسطى، "لكنها فرحة ما تمت”.
جمال الغيطاني يفضح مبكرا أخونة الدولة
استشرف “الغيطاني” أيضا وفضح نهم الجماعة الإرهابية وشهوتها للحكم، بل وأخونة الدولة المصرية ومؤسساتها وهو ما كاد يتم لاحقا لولا ثورة 30 يونيو.
كما تطرق جمال الغيطاني في مقاله إلى مفهوم جماعة الإخوان عن الديمقراطية، وأنها مجرد وسيلة تستخدم لمرة واحدة وفي اتجاه واحد لوصولهم للحكم الذي لن يسمحوا بالتنازل عنه وهو ما أثبتته تجربة عام حكمه لمصر.
0 تعليق