خلال العام الماضي، فرضت نحو عشرين دولة قيودًا أو أوقفت صادراتها العسكرية إلى إسرائيل على خلفية حربها في غزة، غير أن التأثير العملي لتلك الإجراءات "يبدو محدودًا"، بحسب صحيفة واشنطن بوست.
الصحيفة أشارت إلى أن ست دول فقط فرضت حظرًا كاملًا على تصدير الأسلحة إلى تل أبيب، كانت إسبانيا آخر المنضمين إليها عقب تصويت البرلمان على وقف بيع أي أسلحة أو تقنيات عسكرية لإسرائيل.
أما باقي الدول، فاكتفت بفرض قيود جزئية ترتبط مباشرة بسير الحرب ضد حركة "حماس".
اعتماد شبه كامل على واشنطن وبرلين
بيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) تكشف أن 99% من واردات إسرائيل من الأسلحة الثقيلة تأتي من الولايات المتحدة وألمانيا، بينما تحتل إيطاليا المرتبة الثالثة بفارق كبير.
ورغم إعلان برلين وروما عن قيود جزئية على صادراتهما العسكرية، إلا أن ضغوطًا سياسية متزايدة تدفع الآن نحو رفع تلك القيود بعد الهدنة الأخيرة، في وقت لم تُبدِ واشنطن أي نية لتقييد صادراتها العسكرية لإسرائيل.
مبيعات قياسية للقطاع الدفاعي الإسرائيلي
في المقابل، أعلنت إسرائيل تحقيق مبيعات قياسية في قطاعها الدفاعي بلغت 14.8 مليار دولار خلال عام 2024، نصفها تقريبًا إلى دول أوروبية، ما يعكس اتساع أسواقها العسكرية رغم القيود الدولية.
أوروبا بين التشدد القضائي والتردد السياسي
بلجيكا شددت حظرها القديم المفروض منذ عام 2009، بعد ضبط شحنة أسلحة متجهة إلى إسرائيل عبر ميناء أنتويرب، حيث أصدرت محكمة بروكسل قرارًا يمنع عبور أي معدات عسكرية لتل أبيب، مع غرامات تصل إلى 50 ألف يورو لكل حاوية مخالفة.
بريطانيا بدورها علّقت تراخيص تصدير لـ30 شركة تزود إسرائيل بمكونات عسكرية، منها أجزاء لمقاتلات ومروحيات، فيما استُثنيت مكونات برنامج الطائرة "إف-35" إلا إذا كانت موجهة مباشرة لإسرائيل.
في اسكتلندا، أوقفت الحكومة التمويل العام للشركات المتعاملة عسكريًا مع تل أبيب، بينما دعا الوزير الأول جون سويني إلى إنهاء كامل للتعاون العسكري طالما استمرت شبهات "الإبادة".
كندا وإيطاليا وهولندا.. قرارات تحت المجهر
أعلنت كندا في يناير 2024 وقف جميع شحنات الأسلحة إلى إسرائيل، لكن تحقيقات لاحقة كشفت عن 47 شحنة يعتقد أنها تضمنت مكونات عسكرية أُرسلت بين أكتوبر 2023 ويوليو 2025، ما دفع وزيرة الخارجية أنيتا أناند للتعهد بفرض عقوبات صارمة على أي التفاف على الحظر.
أما إيطاليا، فأعلنت وقف جميع صادرات الأسلحة بعد 7 أكتوبر 2023، مع استثناء بعض العقود القديمة التي شملت مروحيات ومدافع بحرية. ورغم ذلك، تواجه حكومة جورجيا ميلوني ضغوطًا شعبية متزايدة لوقف التعاون العسكري، خصوصًا مع رفض عمال الموانئ شحن أي معدات مخصصة لإسرائيل.
وفي هولندا، أوقفت الحكومة تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، لكنها استمرت بتوريد أجزاء تدخل في برنامج إنتاج طائرات إف-35، كما منعت الشركات الإسرائيلية من المشاركة في أكبر معرض دفاعي هولندي المقرر في نوفمبر المقبل.
مبادرات رمزية ومواقف حازمة
كانت سلوفينيا أول دولة في الاتحاد الأوروبي تفرض حظرًا تامًا على السلاح لإسرائيل بعد 7 أكتوبر، رغم محدودية علاقاتها التسليحية معها.
كما انضمت إسبانيا مؤخرًا إلى قائمة الدول التي تبنت حظرًا شاملًا، حيث أكد رئيس الوزراء بيدرو سانشيز أن القرار يأتي "دفاعًا عن القيم الإنسانية ورفضًا للإبادة في غزة"، مضيفًا أن الحظر يشمل وقف مرور الوقود العسكري عبر الأراضي الإسبانية ومنع واردات من مستوطنات الضفة الغربية.
أما جنوب أفريقيا، فقادت مبادرة دولية سُمّيت "مجموعة لاهاي" تضم ثماني دول تعهدت بفرض قيود على صادراتها العسكرية لإسرائيل، رغم أن هذه الدول لا تُعد من الموردين التقليديين لتل أبيب.
بين الحظر والواقع: الفجوة قائمة
رغم اتساع رقعة الحظر، إلا أن اعتماد إسرائيل شبه الكامل على الدعم الأمريكي والألماني يجعل الأثر الفعلي لتلك القرارات محدودًا.
وبينما ترفع دول أوروبية شعار "وقف تصدير السلاح"، تكشف الأرقام عن استمرار تدفق المكونات والمعدات عبر استثناءات قانونية أو عقود سابقة، لتبقى القيود أقرب إلى موقف سياسي رمزي أكثر منها إجراء فعّال يغيّر موازين القوة في الحرب على غزة.
0 تعليق