فى خضم أعتى الأزمات وأشدها إيلامًا تحولت مدينة شرم الشيخ إلى نقطة ارتكاز عالمية، تستضيف «قمة السلام» الدولية التى وضعت مصير قطاع غزة على طاولة الحوار العالمى.
لم تكن القمة مجرد اجتماع للقادة، بل كانت تتويجًا لجهود دبلوماسية ووساطة مصرية استثنائية، أثمرت عن اتفاق تاريخى لوقف إطلاق النار، وحصدت إشادة دولية غير مسبوقة أكدت أن القاهرة تظل هى القلب النابض والحصن المنيع للأمن الإقليمى.
لقد جسدت القمة الدور المصرى المحورى كضامن للسلام وعماد للاستقرار، وهو دور لا يقف عند حدود الوساطة السياسية، بل يمتد ليشمل الشريان الإنسانى والإغاثى.
لقد مثلت قمة شرم الشيخ للسلام نقطة تحول حقيقية فى مسار الأزمة، إذ نجحت مصر فى جمع عدد غير مسبوق من رؤساء وقادة الدول والمنظمات الإقليمية والدولية تحت مظلة واحدة، فى خضم حرب مستعرة تهدد بتفجير المنطقة بأسرها. هذا الحضور رفيع المستوى لم يكن مجرد حضور بروتوكولى، بل كان دلالة واضحة على ثقة المجتمع الدولى فى القيادة المصرية وقدرتها على إدارة الأزمة بدبلوماسية هادئة تتسم بالواقعية السياسية والنزاهة.
كان الهدف الأبرز للقمة هو توفير الدعم والتأييد المطلق لاتفاق شرم الشيخ الذى قاد إلى وقف إطلاق النار. وقد حصدت المبادرة المصرية التى سعت لتقديم رؤية شاملة تتجاوز وقف القتال إلى معالجة جذور الأزمة إجماعًا دوليًا. وتجسدت هذه الإشادة فى تصريحات القادة المشاركين، حيث أثنى الرئيس الأمريكى والرئيس الفرنسى وغيرهما بشكل مباشر على الجهود الدبلوماسية الحثيثة للرئيس السيسى، مؤكدين أن مصر هى مفتاح الحل وأن قيادتها كانت محورية فى التوصل إلى الاتفاق. ولم يقتصر الدور المصرى على استضافة القمة، بل كان هو القوة الدافعة وراء التوصل للاتفاق ذاته. لقد مارست الدبلوماسية المصرية، مدعومة بجهود الأجهزة المعنية، دورًا فريدًا كـوسيط موثوق به يمتلك الخبرة التاريخية والمعرفة العميقة بتفاصيل الصراع.
ولقد استطاعت مصر بالشراكة مع قطر والولايات المتحدة وتركيا أن تخترق جدار الجمود فى أصعب مراحل المفاوضات. ونجحت الوساطة المصرية فى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين والأسرى.
هذا النجاح الدبلوماسى لم يكن ليتحقق لولا مهارات التفاوض العالية والقدرة على بناء مساحات مشتركة بين الأطراف، وهو ما أكدته الإشادات الأمريكية والأوروبية التى اعتبرت أن مصر استعادت مكانتها كصانع السلام الأبرز فى المنطقة.
وكذلك لم تكتفِ القاهرة بوقف نزيف الدم، بل قدمت رؤية استراتيجية لمرحلة ما بعد الحرب، شملت ثلاثة محاور أساسية حظيت بترحيب دولى.
لقد تم وضع خطة مصرية بالتنسيق العربى والدولى لإعادة إعمار القطاع، وتأمين مشاركة دولية واسعة فى هذا الملف، إضافة إلى السعى الحثيث لتمكين السلطة الفلسطينية من ممارسة مهامها بالكامل فى غزة، كجزء من الحل المستقبلى.
وقد أكدت مصر أن الاتفاق هو نقطة انطلاق لعملية سياسية واضحة تقوم على حل الدولتين، وتمكين الشعب الفلسطينى من إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وعلى الجانب الإنسانى برز الدور المصرى كـدرع حامية للشعب الفلسطينى. فقد تحولت مصر وبشكل خاص معبر رفح، إلى الشريان الحيوى الذى يغذى القطاع بالمساعدات المنقذة للحياة. ورغم كل التحديات والضغوط، حافظت مصر على فتح معبر رفح، وتولت القيادة المصرية مسئولية تنسيق وإدخال مئات الأطنان من المساعدات الطبية والغذائية والوقود.
ولم يقتصر العمل على حدود المعبر، بل تغلغلت اللجان المصرية المختصة، بالتعاون مع الهلال الأحمر المصرى، فى عمق القطاع لتقديم الإغاثة المباشرة، من خلال إنشاء المخيمات وتوفير المخابز المتنقلة، وهو دور أشاد به الفلسطينيون أنفسهم لتميزه وتكامله.
هذا الموقف الثابت وغير المتأرجح، الذى يرفض التهجير القسرى ويؤكد الالتزام بالقضية الفلسطينية كقضية أمن قومى عربى، عزز من مكانة مصر كحصن عربى منيع يدافع عن الحقوق المشروعة. لقد برهنت مصر أنها تملك القدرة على التحرك بفاعلية فى أحلك الظروف، وأن سياستها القائمة على العقلانية والالتزام الثابت بمبادئ القانون الدولى هى الطريق الوحيد للخروج من دائرة العنف والاضطراب.
0 تعليق