المرأة الريفية.. شريك أصيل في الاقتصاد المصري منذ فجر التاريخ

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يوافق الخامس عشر من أكتوبر اليوم العالمي للمرأة الريفية، وهي مناسبة تسلط الضوء على دور المرأة في تحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة،  وفي مصر، تمثل المرأة الريفية عماد الأسرة الريفية وركيزة أساسية في النهوض بالاقتصاد المحلي، لذلك أولت الدولة المصرية اهتماما خاصا بها عبر مبادرات ومشروعات متنوعة، في مقدمتها برامج الحماية الاجتماعية والتمكين الاقتصادي.

أكد الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي ورئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، أن الدولة المصرية أولت اهتمامًا خاصًا بالمرأة الريفية خلال السنوات الأخيرة، باعتبارها ركيزة أساسية في بناء المجتمع وتحقيق التنمية المستدامة.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ"الدستور" أن هذا الاهتمام انعكس في مبادرات متعددة استهدفت تمكين المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا، وفي مقدمتها مبادرات تكافل وكرامة، ومشروعات المرأة المعيلة، وكذلك التوسع في المشروعات الصغيرة والمتوسطة داخل القرى والريف.

وأوضح الشافعي أن هذه المبادرات لم تقتصر على تقديم الدعم المادي المباشر، وإنما سعت إلى خلق مصادر دخل ثابتة ومتنوعة للمرأة الريفية، خاصة المرأة المعيلة، التي تتحمل مسؤوليات أسرية كبيرة في ظل ظروف اقتصادية صعبة. 

ومن خلال هذه المشروعات، نجحت العديد من السيدات في تحويل قدراتهن ومهاراتهن إلى مشروعات إنتاجية تحقق دخلًا مستقرًا، مما أسهم في تحسين مستوى المعيشة وتوفير حياة كريمة لهن ولأسرهن.

وأشار إلى أن برنامج تكافل وكرامة يعد من أهم الأدوات التي دعمت الأسر الأولى بالرعاية في الريف المصري، حيث ساعد بشكل مباشر في تمكين المرأة الريفية عبر منحها دخلا شهريا ثابتا، ما منحها قدرًا من الاستقرار المالي.

وأتاح لها الفرصة للتفكير في تطوير مشروعات صغيرة أو المساهمة في أنشطة اقتصادية محلية. 

كما أن الدولة شجعت النساء على الاندماج في مبادرات التمويل متناهي الصغر التي أسهمت في زيادة فرص العمل وتنمية الاقتصاد المحلي داخل القرى.

وأضاف الشافعي أن المبادرات الحكومية، إلى جانب دعم المجتمع المدني والقطاع الخاص، خلقت بيئة مواتية لتحقيق طموحات المرأة المصرية على المدى المتوسط والبعيد، فالدولة لم تكتفِ بتقديم الدعم المؤقت، بل وضعت استراتيجية لتمكين المرأة اقتصاديًا عبر مبادرات مستدامة تواكب توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي شدد مرارًا على ضرورة الارتقاء بمستوى معيشة المرأة الريفية وإدماجها بشكل أكبر في خطط التنمية.

ولفت إلى أن هناك طفرة حقيقية في نظرة الدولة لدور المرأة، حيث لم يعد الأمر مقتصرًا على كونها طرفا متلقيا للمساعدات، بل أصبحت شريكا أساسيا في دفع عجلة التنمية. 

فمشروعات الصناعات الغذائية الصغيرة، وتربية الدواجن، والحرف اليدوية، كلها مجالات وفرت للمرأة الريفية فرصًا لتعزيز دخلها والمشاركة في تنمية المجتمع الريفي بشكل مباشر.

وأكد الشافعي أن هذه النقلة النوعية جعلت المرأة الريفية في قلب الاهتمام، سواء كانت معيلة أو غير معيلة، إذ تمثل جزءا أصيلا من مشروع "حياة كريمة" الذي يستهدف تطوير الريف المصري بالكامل، ومن خلال هذه المبادرات، تحقق للمرأة الأمن الاقتصادي والاجتماعي، كما أصبح لديها طموح أكبر للمشاركة في مجالات أوسع مثل التعليم والتدريب المهني وريادة الأعمال.

وأكد الشافعي على أن الدولة مستمرة في التوسع بهذه البرامج والمشروعات، ما يضمن استمرارية تحسين أوضاع المرأة الريفية على جميع المستويات، فالاستثمار في المرأة هو استثمار في المجتمع بأسره، وأي خطوة نحو دعمها تمثل خطوة مباشرة نحو تنمية مستدامة شاملة، تضع مصر على الطريق الصحيح لتحقيق رؤية 2030.

أكد الدكتور وليد جاب الله خبير الاقتصاد والمالية العامة، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، أن المرأة الريفية لعبت دورا محوريا في بناء الاقتصاد المصري منذ فجر التاريخ، ولم تكن أبدا مجرد عنصر مساعد، بل شريكا أصيلا في المنظومة الاقتصادية والاجتماعية للأسرة المصرية.

وأوضح  في تصريحات خاصة لـ"الدستور" أن الأسرة المصرية عبر العصور لم تكن فقط رابطة اجتماعية، بل مثلت وحدة إنتاجية متكاملة، حيث كان الرجل يقوم بزراعة الأرض وإنتاج المحاصيل، بينما كانت المرأة تضطلع بدور لا يقل أهمية من خلال تسويق المزروعات، والذهاب إلى الأسواق، وإجراء عمليات البيع والمقايضة لتلبية احتياجات المنزل،  وكانت تقوم بتحويل المحاصيل الزراعية إلى منتجات غذائية متنوعة يمكن استبدالها أو بيعها، وهو ما جعلها ركيزة أساسية في الاقتصاد المنزلي والريفي منذ القدم.

وأضاف الخبير أن المرأة الريفية تاريخيا لم يقتصر دورها على التسويق أو المقايضة، بل ساهمت في تربية الطيور، ورعاية الماشية، وإنتاج الألبان ومشتقاتها، وهي أنشطة اقتصادية ساعدت على تعزيز دخل الأسرة واستقراره، وما زالت هذه الأدوار قائمة حتى اليوم في القرى والنجوع المصرية، حيث تظل المرأة سندا أساسيا للأسرة وللاقتصاد الريفي على حد سواء.

وأشار إلى أن التطورات الاقتصادية والاجتماعية في العصر الحديث لم تُلغِ هذا الدور، بل أضافت إليه أبعادًا جديدة، فمع برامج الدولة للتمكين الاقتصادي ودعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، توسعت مشاركة المرأة الريفية في مشروعات إنتاجية متنوعة مثل الصناعات الغذائية المنزلية، الحرف اليدوية، تجارة الألبان والدواجن، وإدارة مشروعات الأسر المنتجة،  هذه الأنشطة لم تعد مقتصرة على سد احتياجات الأسرة فقط، بل أصبحت توفر دخلًا ثابتًا ومستقرًا يسهم في تحسين مستوى المعيشة.

ولفت إلى أن الدولة المصرية أولت اهتمامًا كبيرًا بدعم المرأة الريفية خلال السنوات الأخيرة من خلال مبادرات متعددة مثل برنامج تكافل وكرامة، ومبادرة مستورة، بالإضافة إلى التوسع في التمويل متناهي الصغر،  وقد أتاحت هذه البرامج للمرأة فرصة التحول من مجرد عنصر منتج داخل المنزل إلى رائدة أعمال صغيرة قادرة على إدارة مشروعها الخاص والمساهمة في تنمية المجتمع المحلي.

وأوضح أن المرأة الريفية أثبتت قدرتها على الجمع بين دورها التقليدي في الأسرة ودورها الاقتصادي الحديث، فهي لا تزال شريكًا في إدارة شؤون المنزل وتربية الأبناء، وفي الوقت نفسه أصبحت قادرة على إدارة مشروعات تدر دخلًا مستقلًا، بما يعزز من مكانتها الاقتصادية والاجتماعية.

وأكد الخبير أن دعم المرأة الريفية ليس مجرد قضية اجتماعية، بل هو استثمار اقتصادي مباشر ينعكس على معدلات النمو والتنمية المستدامة، إذ أن تمكين نصف المجتمع في القرى يضاعف الإنتاجية ويرفع من كفاءة الاقتصاد القومي.

وأكد  أن المرأة الريفية ستظل رمزا للعطاء والعمل الدؤوب، وأن استمرار دعمها عبر المبادرات الحكومية والمجتمعية يعد ضرورة لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية في آن واحد، بما ينسجم مع رؤية مصر 2030.

وأكدت وزارة التضامن الاجتماعي أن برنامج تكافل وكرامة كان نقطة تحول رئيسية في تحسين أوضاع المرأة الريفية، حيث بلغ عدد الأسر المستفيدة من البرنامج حوالي 4.7 مليون أسرة تضم ما يقرب من 17 مليون مواطن، وتشكل النساء النسبة الأكبر من المستفيدين بما يتراوح بين 70 إلى 75%، ما يعكس حجم التركيز على تمكين المرأة ومنحها دورًا محوريًا في رعاية الأسرة.

وفي إطار توسيع مظلة الحماية الاجتماعية، بلغت مخصصات الدعم الاجتماعي في الموازنة المالية الحالية حوالي 635 مليار جنيه مصري، وهو ما يعكس حجم الموارد الموجهة لتحسين مستوى معيشة الفئات الأولى بالرعاية، وعلى رأسها المرأة الريفية.

كما أولت الدولة اهتمامًا خاصًا بالمرأة المعيلة، حيث بلغ عدد المستفيدات من برامج الدعم حوالي 673 ألف سيدة بإجمالي دعم نقدي يقترب من 5.2 مليار جنيه. وإلى جانب ذلك، استفادت أكثر من 409 آلاف سيدة من صندوق تأمين الأسرة بالنفقة، بما وفر لهن حماية اجتماعية واقتصادية ساعدتهن على مواجهة التحديات المعيشية.

أما على صعيد التمكين الاقتصادي، فقد تم تمويل أكثر من مليون سيدة لإقامة مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر، بتكلفة تقارب 4 مليارات جنيه، ومن أبرز المبادرات الموجهة للريف مشروع "تعزيز فرص المرأة في التصنيع الزراعي"، الذي يستهدف خلق فرص عمل وتحويل المرأة الريفية إلى عنصر منتج يساهم في التنمية الاقتصادية.

وخلال السنوات الأربع الماضية، نجحت الدولة في توفير أكثر من 220 ألف مشروع لتنمية المرأة الريفية، معظمها في مجالات الصناعات الغذائية والحرف اليدوية وتربية الدواجن والمشروعات الزراعية، كما تشير البيانات إلى أن نحو 360 ألف مشروع متناه الصغر تم دعمها للأسر الأولى بالرعاية، خصصت 75% منها للمرأة الريفية وأمهات أطفال المدارس ومستفيدات مشروع مستورة، وهو ما يعكس التركيز على رفع قدرات المرأة في القرى.

ومن المؤشرات الإيجابية أن حوالي 3 ملايين أسرة غادرت قائمة المستفيدين من برنامج تكافل وكرامة بعد تحسن أوضاعها الاقتصادية، وهو ما يبرهن على نجاح سياسات الدولة في تحويل الدعم من مجرد إعانة مؤقتة إلى وسيلة لتمكين المرأة والأسرة من الاعتماد على ذاتها.

وفي اليوم العالمي للمرأة الريفية، يتجدد التأكيد على أن الدولة المصرية لا تنظر للمرأة باعتبارها مستفيدة فقط، بل كعنصر فاعل في التنمية، وشريك أساسي في بناء مستقبل أفضل للأسر الريفية،  وتظل هذه الأرقام شاهدا على حجم الجهد المبذول لتمكينها، وضمان حياة كريمة تليق بدورها في المجتمع.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق