الثلاثاء 24/يونيو/2025 - 11:15 م 6/24/2025 11:15:59 PM
ما بعد الحروب يشير إلى الفترة التي تلي انتهاء الصراع المسلح، سواء كانت حرب عالمية أو صراع محلي. هذه الفترة تتسم بتحديات وإعادة إعمار على المستويات الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والسياسية.
اندلعت الحروب في منطقة الشرق، والمنطقة ليست جديدة على الحروب، يمكن أن نقول إن تلك المنطقة منبع الحروب من قديم الأزل، غالبا ما تترك الحروب آثارا غائرة في الشعوب التي خاضت الحروب، تتأثر الشعوب بما عانته اثناء الحرب من خراب ودمار وترويع، وربما ينتج عن الحروب نوع من التكفير عن ذنوب الحرب وويلاتها، وهو ما حديث في اعقاب الحرب من مصر وإسرائيل، فعقدت مصر وإسرائيل اتفاقية سلام لازالت سارية منذ 1979.
وقد تعقب الحروب نوبة من استيقاظ الضمير تتمثل في عقد محاكمات لمن تسببوا في الحرب والخسائر التي حلت بالبلاد، وهو ما حدث بعد الحرب العالمية الثانية، قامت محاكم دولية ومحلية بإجراء محاكمات للمتهمين بارتكاب جرائم حرب. وجرت محاكمة المسئولين الألمان البارزين أمام المحكمة العسكرية الدولية في نورمبرج بألمانيا، تحت إشراف قضاة من قوات التحالف (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد السوفيتي وفرنسا). في أكتوبر عام 1945 أجرت المحكمة العسكرية الدولية محاكمات لـ 22 من مجرمي الحرب "البارزين" بتهم ارتكاب جرائم ضد السلام وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والتآمر لارتكاب مثل هذه الجرائم. وأُدين اثنا عشر من المتهمين وحُكم عليهم بالإعدام، بينما حُكم على ثلاثة من المدعى عليهم بالسجن مدى الحياة، وحُكم على أربعة آخرين بالسجن لفترات تتراوح ما بين 10 و20 عامًا. في حين برأت المحكمة العسكرية الدولية ثلاثة من المدعى عليهم. كما أجرت المحاكم العسكرية للولايات المتحدة 12 محاكمة إضافية لمسئولين ألمانيين كبار في نورمبرج. وكان من بين الذين تمت محاكمتهم أطباء بارزون وأعضاء في وحدات القتل المتنقلة وأعضاء في وزارة العدل الألمانية ومكتب الخارجية الألمانية وأعضاء في القيادة العليا للجيش الألماني ورجال صناعة ألمان بارزون.
في اعقاب حرب 1967، قام المسئولون في مصر التي نالتها الهزيمة بعقد محاكمة صورية لقادة الطيران، لأن قادة الطيران لم تكن المسئولية كلها ملقاه عليهم، فقد صدرت أحكام هزيلة، اعقبتها مظاهرات صاخبة قام الطلاب والعمال، رغم النظام القمعي الذي كان سائدا.
وكما حدث في إسرائيل في اعقاب حرب 1973. تشكلت لجنة أجرانات للتحقيق في هزيمة إسرائيل في أكتوبر 73 حيث تهاوى الجيش الإسرائيلي في ساعات، حيث فوجئت إسرائيل بعبور الجيش المصري قناة السويس، وأقام رؤوس كباري.. وتمركزت القوات بكامل أسلحتها في الضفة الشرقية، وحطمت خط بارليف. واختصت «لجنة أجرانات» بالتحقيق في القصور الذي تصرف به الجيش الإسرائيلي خلال حرب أكتوبر، وترأسها رئيس قضاة المحكمة العليا شيمون أجرانا. عقدت اللجنة أكثر من 140 جلسة، لتستمع لما يقرب من 58 شاهدًا، ولتقرأ نحو 188 شهادة خطية. وفى 30 يناير 1975 أصدرت اللجنة تقريرًا من 1500 صفحة تم اعتبار 1458 صفحة منه سرية، وتم نشر 42 صفحة عبارة عن المقدمة فقط، وظلت باقي صفحات التقرير محظورة، وسط جدل كبير في إسرائيل بين العسكريين، وبين الرأي العام إلى أن تم الإفراج عن وثائقها. انتقد تقرير أجرانات الجيش الإسرائيلي بشدة وأوصى بعزل عدد من القادة، وآثار جدلا وصخبا وسخطا استمر سنوات داخل إسرائيل. وخلصت اللجنة في تقارير قبل إصدار تقريرها النهائي، إلى أن أسباب الفشل الإسرائيلي في توقع الهجوم المصري، كان الاعتقاد الوهمي لدى العسكريين والحكومة في إسرائيل عام 73 بأن مصر لن تهاجم دون أن تكون متفوقة من ناحية القوات الجوية..
بعد حرب الخليج الثانية قامت أمريكا وهي التي اقتحمت العراق في 2003، قامت بالإيعاز للشيعة الذين نصبوهم لحكم العراق بعد حل الجيش العراقي، بمحاكمة صدام حسين باعتباره المسئول عما حدث، وعن جرائم ارتكبها سابقا بحق الشيعة والأكراد. أصدر القاضي الشيعي حكما بإعدام صدام حسين.
وما بعد الحروب عادة لا تكون محاكمات فقط، ولكن حسابات أخرى جديد، منها إزالة آثار الحرب وتعويض الخسائر التي وقعت، واعمار الأماكن والمدن التي تضررت. وهو ما يكلف نفقات باهظة.
وبعد ان نشبت حرب غزة – إسرائيل. قلنا انها ستنتهي، ولكنها ما كادت تنتهي حتى دخلت إسرائيل في حرب أخرى مع أيران، لم تعتاد إسرائيل على تلقي الصواريخ العابرة للبلاد، قوية التدمير والتي فشلت قبتها الحديدة في مواجهتها، وبدأ القصف المتبادل، وجربت الحرب القذرة وهي حرب الاغتيالات التي أتت على معظم القادة العسكريين وعلماء الذرة الإيرانيين.
لم يخبرنا المحللون، كيف ستعوض إيران خسائرها الباهظة، اما إسرائيل فلديها من يعوض لها خسائرها وهي الولايات المتحدة التي ترددت في دخول الحرب الى جانبها.
نتمنى ان تنتهي تلك الحرب بكل مآسيها، وأن يعود السلم والأمن لتلك المنطقة التي لم تهدأ أبدا.