استراتيجية لجنة الأزمات

استراتيجية لجنة الأزمات
استراتيجية
      لجنة
      الأزمات

 ترأس مؤخرًا الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، أول اجتماع للجنة الأزمات التى تم تشكيلها لمتابعة الآثار المترتبة على الحرب الإسرائيلية الإيرانية، وضرورة التصدى لأى تأثير سلبى على معيشة المواطنين.

إن تشكيل لجنة أزمات مصرية متكاملة وفعالة ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة قصوى. فالحرب تحمل فى طياتها تداعيات مدمرة تلقى بظلالها على الاستقرارين الإقليمى والعالمى، وتؤثر بشكل مباشر على المصالح المصرية الحيوية. ولذا فإن استباق الأحداث والاستعداد الشامل من خلال فريق عمل متخصص هما حجر الزاوية فى أى استراتيجية وطنية للتعامل مع الأزمات المحتملة. 

وتكمن الأهمية القصوى لهذه اللجنة فى قدرتها على توفير إطار منظم وفعال لـتقييم المخاطر بشكل مستمر ودقيق. فالتصعيد بين إسرائيل وإيران ليس حدثًا أحادى الجانب، بل سلسلة من التفاعلات المعقدة التى تتطلب رصدًا دائمًا وتحليلًا عميقًا. 

ويجب على اللجنة أن تكون قادرة على تحديد السيناريوهات المحتملة وتقدير تأثير كل سيناريو على مصر من مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية، والاجتماعية. هذا التقييم الشامل سيمكن صانع القرار من فهم حجم التحديات التى قد تواجهها البلاد، ووضع الخطط الكفيلة بالتخفيف من حدة هذه التداعيات.

فى أوقات الأزمات، غالبًا ما تكون المعلومات مشتتة، والجهود غير منسقة، ما يؤدى إلى ردود أفعال غير فعالة أو متأخرة، ولذلك لجنة الأزمات ستعمل كمركز عصبى يجمع ممثلين من مختلف الوزارات والهيئات الحكومية المعنية، مثل وزارات الدفاع والخارجية والمالية والصحة والتموين والطاقة. وهذا التنسيق الشامل سيضمن تدفق المعلومات بسلاسة، واتخاذ القرارات بسرعة وفاعلية وتوحيد الجهود لتنفيذ الخطط الموضوعة. كل هذه المهام تتطلب تنسيقًا لا تشوبه شائبة بين الجهات المختلفة.

ومن الجوانب الحيوية الأخرى التى يجب أن تركز عليها اللجنة، التأهب الاقتصادى. وأى صراع كبير فى المنطقة من شأنه أن يهز الأسواق العالمية للطاقة، وسلاسل التوريد، والاستثمار. ومصر بحكم موقعها الاستراتيجى وقناة السويس التى تعد شريانًا حيويًا للتجارة العالمية ستكون فى عين العاصفة الاقتصادية. ويجب على اللجنة أن تستعد لتقلبات أسعار البترول والغاز، وتأثيرها على الموازنة العامة، وتوفير العملات الأجنبية.

كما يجب وضع خطط بديلة لتأمين واردات السلع الأساسية، خصوصًا القمح والغذاء، وضمان استقرار الأسواق المحلية. وقد يشمل ذلك البحث عن مصادر بديلة للإمداد، أو تعزيز الاحتياطيات الاستراتيجية، أو تطوير آليات لدعم القطاعات الاقتصادية الأكثر تضررًا.

كما يجب أن تقوم اللجنة بتقييم التهديدات الأمنية المحتملة، إضافة إلى ذلك فإن التواصل الدبلوماسى سيكون عنصرًا حاسمًا فى عمل اللجنة. ويجب على الحكومة، من خلال هذه اللجنة، أن تكثف جهودها الدبلوماسية مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتخفيف حدة التوتر، والبحث عن حلول سلمية، وحشد الدعم الدولى لتفادى السيناريوهات الأسوأ. 

فمصر بوزنها السياسى ودورها التاريخى فى المنطقة، يمكن أن تلعب دورًا وسيطًا مهمًا، أو على الأقل، أن تعمل على حماية مصالحها ومصالح المنطقة من التداعيات المدمرة لأى صراع. الهدف هو تكوين استراتيجية واضحة للتواصل مع المجتمع الدولى، وشرح الموقف المصرى، وتنسيق الجهود لضمان تدفق المساعدات الإنسانية فى حال نشوب أزمة كبرى.

ولا يمكن إغفال الدور المهم للجنة الأزمات فى التوعية العامة للتصدى للشائعات والمعلومات المضللة. وذلك عن طريق توفير معلومات دقيقة وموثوقة للمواطنين، التى تهدف إلى طمأنة المواطنين، وتقديم الإرشادات اللازمة، وتوحيد الجبهة الداخلية لمواجهة التحديات. 

إن تشكيل لجنة أزمات مصرية متكاملة ومجهزة للتعامل مع تداعيات الحرب الإسرائيلية الإيرانية المحتملة ليس ترفًا، بل هو استثمار ضرورى فى الأمن القومى المصرى واستقرار المنطقة. هذه اللجنة بمهامها المتعددة فى التقييم، والتنسيق، والتأهب، والتواصل، ستكون الدرع الواقية التى تمكن مصر من التنقل عبر الأمواج المتلاطمة للصراعات الإقليمية بأقل قدر من الخسائر، والحفاظ على مسارها نحو التنمية والازدهار.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق مؤرخ فني يكشف تفاصيل العلاقة بين عبدالحليم حافظ ومجدي العمروسي
التالى «جولة دبلوماسية جديدة».. وزير خارجية إيران يزور مصر ولبنان الأسبوع المقبل