تُظهر بيانات حديثة من سوق الخيارات في العملات الأجنبية أن مجموعة متزايدة من المتداولين باتت تختار اليورو على الدولار الأمريكي، في ظل تزايد التوترات السياسية والاقتصادية في الولايات المتحدة، وما يصاحب ذلك من تقلبات سياسية غير متوقعة.
تحوّل في حجم التداول
وفقًا لمعطيات مقدّمة من مركز تسوية المقاصة الأميركية DTCC، فإن ما بين 15% و30% من عقود الخيارات التي كانت تتعلق بالدولار مقابل العملات الكبرى انتقلت إلى اليورو خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2025 مقارنة بآخر خمسة أشهر من عام 2024.
شجع هذا التحوّل يعود لانخفاض الدولار، حيث ارتفع اليورو بنسبة تُقدر بـ11% مقابل الدولار منذ بداية العام، فيما سجل مؤشر الدولار تراجعًا بنحو 7% .
اليورو يحمل خصائص الملاذ الآمن
يرى محللون مثل أوليفر برينان من بنك BNP Paribas أن اليورو بدأ يلعب دور الملاذ الآمن (آمن ماليًا)، موضحًا:
"إذا انتقلنا إلى بيئة حيث تصبح تدفقات أوروبا أكثر أهمية، فقد تكون أزواج اليورو هي التي تحرك الأسواق" .
هذا التوجه يعكس تخوّف المستثمرين من أن تكون تقلبات الدولار أكثر حدة، خاصة بالنسبة لأزواج الدولار/ين الياباني، مقارنة بالزخم النسبي لأزواج اليورو/ين، ما يجعله الخيار الأرخص للتأمين
دعم اقتصادي وسياسي لليورو
سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي المتحفّظة في رفع الفائدة، إلى جانب المخاطر التجارية المتجددة والضرائب، تُضعف جاذبية الدولار، بينما تعزز حزم التحفيز في أوروبا ثقة المستثمرين في اليورو .
بدورها، شدّدت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاجارد، على أن هذه اللحظة تمثل فرصة لتعزيز مكانة اليورو عالميًا، داعية إلى تحسين البنية المالية والسياسات المشتركة لجعل العملة الأوروبية أكثر اعتمادًا عالميًا .
ما الذي يعنيه ذلك للسوق العالمي؟
زيادة تكلفة حماية الدولار: ارتفاع الطلب على عقود الخيارات الهابطة (puts) مؤشر على تراجع الثقة بالدولار وارتفاع تكلفة تأمين المحاوف.
مرونة أكبر في أزواج اليورو: تقلب أقل وأمل بمناخ استثماري أوفر مقارنة بأزواج الدولار، وفقًا لمجموعة بيانات تكشف عن اختيار اليورو كأداة لتسعير المخاطر .
تحوّل استراتيجي للمستثمرين: تدفق رؤوس الأموال نحو الأصول الأوروبية والأسواق الناشئة يعكس انخفاض الثقة بالدولار، مع بداية إعادة تقييم متزايدة للدور العالمي للعملة الأميركية .
