ياسر حمدي يكتب: ليلة سقوط الوهم الإسرائيلي!!

ياسر حمدي يكتب: ليلة سقوط الوهم الإسرائيلي!!
ياسر
      حمدي
      يكتب:
      ليلة
      سقوط
      الوهم
      الإسرائيلي!!

الهجمات الإيرانية بالصواريخ والطائرات المسيّرة في الليلة التي تلت هجوم إسرائيل الشامل على المنشآت النووية واغتيال القادة العسكريين والعلماء النوويين «لم تكن ليلة مثل أية ليلة أخرى»، ليس لأن السماء احترقت بالصواريخ، ولكن لأن النظام الإقليمي الذي استقر طويلًا تعرض لتحول شديد الأهمية.

في هذه الليلة، لم تكن الضربة الإيرانية قوية ومدروسة فقط، بل حملت رسالة أيضًا؛ ضربت إيران رمزًا كان المساس به يصعُب تصوُره، وهو التفوق الكاسح لإسرائيل والفخر الذي جرى بناؤه عبر سنوات طويلة، وما تم استهدافه ليس منشأة أو نظامًا دفاعًا فقط، بل انطباعًا (أو وهمًا) بأن هناك أمة تقف صامدة دون أن يجرؤ أحد على تحديها.

ما قامت به إيران من ضربات موجعه هزت ارجاء تل ابيب بعد ساعات من هجوم إسرائيل عليها لم يكن ردًا على هذه الهجمات فحسب، بل أسقط الوهم الإسرائيلي الذي كانت تُصدره لدول المنطقة العربية والشرق أوسطية أنها القوة الوحيدة في العالم التي لا تقهر، ظلت تصدر هيبتها الزائفة حتى خدعت كافة الدول المحيطة بها، دائمًا ما كانت تستخدم سلاح الوهم بالقوة المفرطة والغطرسة مع جيرانها كي يخشاها الجميع.

ضربات إيران المؤثرة التي طالت عمق تل ابيب فضحت الكيان الصهيوني وكشفت حقيقته الكاذبة، وبينت أن القوة المفرطة التي كانت تصدرها دولة الإحتلال ما هي إلا وهم وخداع، وأن القبة الحديدية التي لا تخترق وترعب بها دول الشرق الأوسط اتضح أنها بلونة فارغة وغوغاء للمكر فقط، ومع وصول الصواريخ الإيرانية لأرض فلسطين المحتلة سقطت معها هيبة ومهابة ومكانة إسرائيل الزائفة. 

المفاجأة، أن زعماء العالم صمتوا، باستثناء كلمات قليلة، لم تصدر إدانات من البرلمانات ولا قرارات دولية؛ ورد إيران بهذا الشكل تجاوز الخطوط الحمراء؛ لم تكن هجمات صاروخية فحسب، بل خطوة إستراتيجية بارعة هزت ثقة إسرائيل وإيمان زعمائها بأنها قوة لا أحد يستطيع المساس بها!!.

لا يمكن للعالم تجاهل نقطة التحول تلك، والتي أوضحت أن الوضع الراهن من المستحيل إستمراره، كانت الضربات الإيرانية هجومًا على الكرامة والفخر ووهم الردع الكامل، أربكت الاعتقاد السائد بأن إسرائيل وحدها يمكن أن تضرب بعيدًا وعميقًا، ثم تعود دون أن تُمس، والأهم أن طهران أكدت أنها تستطيع الدفاع عن نفسها، وتحميل المعتدي عواقب فعلته.

الإعلام الغربي كان شديد الانحياز، المانشيتات همست في وقت كان عليها أن تصرخ كالرعد! اللغة خافتة والتغطية في حدها الأدنى، الرقابة شملت كل ما يجب عرضه، كان المطلوب نسيان تلك الليلة حتى لا تهتز صورة إسرائيل التي لا تُقهر؛ بدلًا من الإقرار بأنها تلقت ضربة قوية، تم التركيز على كيف سترد وتعزز قوتها، طريقة التغطية الإعلامية جعلت المواطنين الغربيين يعتقدون أن إسرائيل ما زالت مسيطرة، وأن الضربات التي تعرضت لها، عادية.

والحقيقة صارت الجبهة الداخلية في إسرائيل مهددة لأول مرة منذ حرب 1948، وفي حال طال أمد هذه الحرب، فقد ينشأ داخل إسرائيل تصدّع في الجبهة الداخلية، وهو ما قد يؤدي، إلى هزيمة إستراتيجية ونفسية لإسرائيل، وهذا ما لا يتمناه المحللون في إسرائيل، فالخسائر الإقتصادية والبشرية، وسقوط هيبة القوة العسكرية لإسرائيل، سيمثّل كارثة على تماسكها مستقبلًا.

هذه الليلة سيتذكرها التاريخ ليس بسبب الصواريخ التي رسمت علامات وآثارًا في السماء، بل نتيجة الصمت الذي تلاها؛ ما جرى ليس مواجهة بل تغير في الإدراك والتصورات؛ دروس تلك الليلة أنه ليس هناك قوة مطلقة، أو اعتقاد دائم بالتفوق، يستحيل تحديه؛ لم يكن الأمر مجرد «هجمة» صواريخ، بل قصة تحول عميق في النظام الدولي، ولا تزال الليالي، التي أسقطت وهم التفوق المطلق وهدمت صنم العنجهية، تتوالى.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق "مطروح للنقاش" يسلط الضوء على بيان فرنسا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي بشأن نزاع إسرائيل وإيران
التالى «جولة دبلوماسية جديدة».. وزير خارجية إيران يزور مصر ولبنان الأسبوع المقبل