العلاقات الروسية الإيرانية.. شراكة مصالح وتاريخ مضطرب

رغم التحالف القائم حاليًا بين موسكو وطهران، فإن تاريخ العلاقات بين البلدين لا يخلو من التوترات والشكوك المتبادلة، فعلى امتداد أكثر من قرنين، تنقلت العلاقات الروسية الإيرانية بين الهيمنة والصدام، ثم تطورت لاحقًا إلى تحالف إستراتيجي فرضته ضرورات سياسية وعسكرية، خاصة في ظل التغيرات الدولية الأخيرة.

بدأ النفوذ الروسي في إيران منذ القرن التاسع عشر عبر حربين انتهتا بمعاهدات غولستان (1813) وتركمانشاي (1828)، واللتين أجبرتا إيران على التنازل عن مساحات واسعة من أراضيها في القوقاز لصالح الإمبراطورية الروسية. وشكلت تلك المعاهدات أساسًا لتراكم الغضب الشعبي الإيراني تجاه السياسات الروسية.

ومع قيام الاتحاد السوفيتي، دخلت العلاقة بين البلدين مرحلة جديدة، اتسمت بدايةً بالحذر. ورغم توقيع "معاهدة الصداقة" عام 1921، التي ألغت بعض امتيازات روسيا القيصرية، فإن التوتر بقي قائمًا، خلال الحرب العالمية الثانية، تعرضت إيران لاحتلال مشترك من قبل القوات البريطانية والسوفيتية، وهو ما زاد من تعقيد العلاقة.

وبعد الثورة الإسلامية في 1979، أعلنت طهران رفضها للهيمنة الأجنبية تحت شعار "لا شرقية ولا غربية"، إلا أن العلاقة مع موسكو بقيت حاضرة، خاصة في مجالات الطاقة والتكنولوجيا النووية، مع ميلٍ إلى الشك المتبادل، خصوصًا في ظل دعم موسكو السابق لأحزاب يسارية إيرانية.

ومنذ تسعينيات القرن الماضي، بدأ التعاون بين البلدين يأخذ منحى أكثر استراتيجية، خاصة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي. قامت روسيا بدور رئيسي في استكمال مفاعل "بوشهر" النووي، كما دعمت إيران بأنظمة دفاعية، أبرزها "إس‑300"، وسط معارضة أمريكية وإسرائيلية.

وتعزز التحالف بشكل غير مسبوق منذ التدخل العسكري الروسي في سوريا عام 2015، حيث نسقت موسكو مع الحرس الثوري الإيراني دعمها العسكري لنظام بشار الأسد، في أول اختبار حقيقي للتحالف الميداني بين الطرفين.

وأدت الحرب الروسية الأوكرانية منذ 2022 إلى تسريع خطوات التقارب بين موسكو وطهران، خاصة بعد العزلة الغربية التي فرضت على الكرملين. 

 استعانت روسيا بالطائرات المسيّرة الإيرانية في ضرب مواقع داخل أوكرانيا، في مؤشر واضح على عمق التنسيق العسكري.

وفي يناير 2025، أعلن الجانبان عن اتفاقية "شراكة استراتيجية شاملة" لمدة عشرين عامًا، تغطي التعاون في مجالات الدفاع والطاقة والنقل والاقتصاد الرقمي. ورغم ذلك، خلا الاتفاق من بند الدفاع المتبادل، ما يعكس حذرًا روسيًا في الانخراط الأمني المباشر مع طهران.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق حل مشكلة مزمنة.. كل أطراف «الإيجار القديم» يتحدثون عن التعديلات الأخيرة لمشروع القانون
التالى «جولة دبلوماسية جديدة».. وزير خارجية إيران يزور مصر ولبنان الأسبوع المقبل