الشيخ علي جمعة.. حب عمره 45 عامًا لا يعرف الفتور

في كتابه "غرام المشايخ"، يكشف الكاتب أيمن الحكيم جانبًا حميمًا وخاصًا من حياة فضيلة الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية الأسبق، ورجل الفقه الذي طالما عرف بانحيازه للمرأة ودفاعه عنها في مختلف فتاواه، وهو انحياز لم يكن وليد النظر الشرعي فقط، بل أيضا امتدادا لعلاقة إنسانية طويلة ورحلة زواج استمرت أكثر من 45 عامًا مع السيدة التي أحبها واحترمها وارتضى بها رفيقة عمره، فصنعت معه بيتا وأسرة ووقفت خلف صعوده العلمي والدعوي حتى اعتلى أحد أعلى المناصب الدينية في مصر.

الشيخ علي جمعة 
الشيخ علي جمعة 

يقول الشيخ علي جمعة إنه بعد تخرجه من كلية التجارة عام 1973، بدأت أسرته البحث عن عروس مناسبة للابن الوحيد، وبعد محاولات عديدة تجاوزت الثلاثين محاولة لم يكتب لأي منها النجاح، حتى ساقه القدر إلى ابنة أستاذه الشيخ الجليل علي عبده إسماعيل، من أسرة سكندرية طيبة الأصل، ليتزوجا في عام 1974.

ومنذ ذلك الحين بدأت حكاية حب نادرة لم تكتبها الروايات، بل صنعها التفاهم والمودة والصبر والعمل المشترك، أنجب منها ثلاث بنات، كبرى بناته "دعاء" التي كني باسمها، كما رزق بولد توفاه الله في طفولته، فاحتسب الشيخ أمره لله، ورضي بقضائه.

الشيخ علي جمعة 
الشيخ علي جمعة 

بيت صغير.. كبير بالمحبة

لم تكن زوجته السيدة "عفاف" زوجة بالمعنى التقليدي، بل كانت شريكة حياة وسندا حقيقيا في سنوات الشقاء، فعندما قرر الشيخ استكمال دراسته العليا بالأزهر الشريف، لم تكن الظروف المالية مواتية لكنه وجد من زوجته ما يعينه ويقويه، فهي من حفظة القرآن الكريم، وكانت تراجع معه دروسه، وتتحمل وحدها مسؤولية البيت وتربية البنات، بل تعلمت التفصيل وخياطة الملابس بنفسها لتقليل النفقات.

ورغم انشغاله الدائم لم يشعر بأن بيته بعيد عنه، فقد كانت زوجته تدير كل شيء بحب وصبر، حتى أنه قال عنها في إحدى المرات: "لا أتذكر أنها ذهبت إلى بيت أبيها غاضبة مني، ولا رفعت صوتها، ولم أُهددها يوما بالطلاق، ولم أرفع يدي عليها قط، وأزعم أن محبتي لها لم تتغير منذ يوم زواجنا".

الشيخ علي جمعة 
الشيخ علي جمعة 

المرأة التي غيرت مصيره

الشيخ علي جمعة ليس فقط ابنا بارا، بل كانت المرأة سببا في تحولات جوهرية في حياته، فوالدته السيدة الصعيدية "فتحية الحموي" كانت أول من أثر في مسيرته، حين أصرت أن يتعلم تعليما مدنيا بدلا من الأزهري كما أراد والده، ومن هناك بدأت رحلته التي انتهت به إلى قمة الهرم الديني في البلاد.

كما كان لوفاة أخته المفاجئة أثر بالغ عليه، وهي الحادثة التي هزت كيانه في سنوات المراهقة، حين كانت الأسرة تقيم في بني سويف قبل انتقالها إلى القاهرة عام 1967 ليستكمل تعليمه، وتبدأ ملامح مستقبله في التبلور.

الشيخ علي جمعة 
الشيخ علي جمعة 

الزوج.. المفتي.. الإنسان

من يعرف فتاوى الشيخ علي جمعة يدرك على الفور مدى عمق فهمه للعلاقات الإنسانية، فقد أفتى بعدم أحقية الزوج في مراقبة هاتف زوجته أو الاطلاع على رسائلها، وأجاز زيارتها لأهلها مرة أسبوعيا دون إذنه، وقال إن كل ما في البيت من ملكية يعود للزوجة ما عدا كتب الزوج وملابسه وسلاحه، كما أكد أن المرأة غير ملزمة بخدمة الزوج، وإذا كانت معتادة على وجود خادمة في بيت والدها، فعلى الزوج أن يوفر لها نفس المستوى.

أما عن عيد الأم، فقد أكد أنه جائز ولا مانع فيه شرعا، في مواجهة تشدد بعض التيارات السلفية، قائلا إن الإسلام لا يعادي الفرح ولا المرأة، بل كرمها وأعطاها مكانتها.

الشيخ علي جمعة 
الشيخ علي جمعة 

بيت العيلة.. وكنوز الكتب

عاش الشيخ علي جمعة في بيت عيلة حقيقي، جمع فيه زوجته وبناته وأحفاده الستة في منزل بمدينة السادس من أكتوبر، يصفه بأنه "تحويشة عمره من البشر والكتب" إذ يمتلك مكتبة شخصية نادرة تضم أكثر من 80 ألف كتاب، تحتل ما مساحته ست شقق كاملة.

وللشيخ عشق خاص للكتب منذ صغره، فقد كان ينفق معظم مصروفه الجامعي على اقتناء المراجع، حتى تضاعف مصروفه أكثر من مرة بسبب شغفه بالقراءة ولديه اهتمام فلكي كبير ويمتلك أكثر من 250 كتابًا حول مواقيت الصلاة وحسابات الأهلة.

الشيخ علي جمعة 
الشيخ علي جمعة 

الشيخ الحكاء

من يستمع إلى الشيخ علي جمعة لا يمل حديثه، فصوته الهادئ ولسانه المرتب ومعرفته العميقة يجعلونه حكاء بارعا، يسرد القصص والأحداث بطلاوة وسلاسة سواء تحدث عن الفقه أو التاريخ أو الموسيقى أو حتى ذكرياته العائلية.

يحكي مثلا أنه في إحدى أمسيات رمضان، تحدث عن الشيخ محمد رفعت وأبهر الحاضرين بحديثه عن الشيخ حسن إلياس صوت الليل الذي اختفى فجأة، وقصة درويش الحريري أستاذ المقامات، ما جعلك تشعر أنك أمام مؤرخ ومحترف موسيقي، لا مجرد فقيه.

الشيخ علي جمعة 
الشيخ علي جمعة 

ربما يكون سر هذه العلاقة النادرة بين الشيخ علي جمعة وزوجته، أنهما لم يتعاملا كشيخ وزوجة، بل كشريكين على درب طويل، أخلص كل منهما للآخر، وبعد 45 عاما من الزواج، لا يزال الشيخ يقول إن "أمتع لحظاته" هي تلك التي يقضيها مع أحفاده، يتناول طعامه من يد زوجته، ويرفض كل وجبات "التيك أواي"، مؤمنًا أن البيت هو الأصل، وأن المرأة كما علمته الحياة قادرة على أن تكون النور والستر والدعامة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق سقوط 5 تجار مخدرات بحوزتهم أسلحة نارية فى القليوبية
التالى انقسام فى الزمالك بسبب ملفات فريق الكرة.. وغموض حول تعيين جون إدوارد