صدرت حديثًا عن دار روافد للنشر، مجموعة قصصية جديدة، تحت عنوان، "رجل برمائي"، للكاتب السوداني علاء السرفاوي.
دار روافد للنشر تطرح مجموعة رجل برمائي
تتضمن مجموعة "رجل برمائي"، 16 قصة قصيرة، تدور في عوالم غرائبية غير منفصلة عن واقع الحياة اليومية ومشكلات المجتمع السوداني، يمزج فيها الكاتب بحرفية شديدة بين الواقعي والفانتازي كما يقوم بكسر الإيهام كالمسرح البريختي فيتوجه بحديثه للقارئ في بعض الأحيان ويشركه، حد التورط، في السرد في أحيان أخرى.
ومن "انفكار"، إحدى قصص المجموعة نقرأ: "انتشر في المدينة خبر صاروخ صيني انفلت من التحكم، شاع في نفوس المواطنين فزعٌ مهول... مهول هذه لم تكن كافية لوصف حالة الفزع بالدقة المطلوبة لكن لا خيار آخر لنا غيرها كونها الوحيدة الأقرب لوصف ما حدث، شاع فزع مهول وسط المواطنين.
فعل الناس أشياءً كثيرة جميلة يحبونها، وأعرضوا مثلها عن حماقات كثيرة لا تتناسب والحالة النفسية البائسة التي يعيشونها، أنا عن نفسي لم أكن استثناءً، كففت بدوري عن التدخين، عدت إلى الصلاة بعد سنوات من الانقطاع وبت أدعو أغلب الوقت أسأل الله حسن الخاتمة واعترفت بحبي لإحدى الفتيات الجميلات، قلّدت درويش في بقية حياته: نظرت في ساعة اليد، شربتُ كأسَ عصيرٍ، وقضمت تُفَّاحَةً، وأطلت التأمُّلَ في نَمْلَةٍ وَجَدَتْ رزقها، ثم نظرت في ساعة اليدِ، ما زال ثمَّة وقتٌ لأحلق ذقني وغطست في الماء، هجست: "لا بُدَّ من زينة للكتابة فليكن الثوبُ أزرق" جلست حتى الظهيرة حيًّا إلى مكتبي لا أرى أَثر اللون في الكلمات، بياضٌ، بياضٌ، بياضٌ...
ومع اقتراب الكارثة؛ تحوّلت موجات الفزع من سقوط الصاروخ بالسرعة ذاتها إلى سخرية لاذعة من الدمار التافه الذي سيخلِّفه سقوطه، الناس ولكأنهم يقولون أو هذا ما يقولونه في مجالسهم بالفعل (ما باليد حيلة فالموت قادم لا محالة، فلنهلك مبتسمين ساخرين إذن أن كان لا بد آخر غير الهلاك)
ويجب الإشارة إلى أن يقولونه هنا لا تعني المسؤولين، فللمسؤولين - كما هو بدهي- رأي آخر وطريقة مغايرة في التعامل مع الكوارث، لم يقفوا مكتوفي الأيدي، بذلوا كل ما في وسعهم أن يفعلوه ليخلصوا المدينة من كارثة الصاروخ الصيني القادم. صمموا في أوّل الأمر على إخلاء المدينة من السكان، لكن أزمة شح الوقود التي تعانيها البلاد حالت دون تنفيذ الخطة بالنجاح المتوقع، أصيبوا بإحباط شديد.