يبحث الكثيرون عن سبب ظهور ُسحب مضيئة في سماءمصر، في ظاهرة غير معتادة لفتت أنظار المصريين خلال الأيام القليلة الماضية، حيث رُصدت تشكيلات ضوئية وسُحب مضيئة غريبة في سماء عدد من المحافظات المصرية، ما أثار موجة من الدهشة والقلق والتساؤلات، خاصة في ظل تكرار المشهد فجراً أو في أوقات متأخرة من الليل، وغياب تفسير فوري من الجهات الرسمية في البداية.
ما الذي شاهده المصريون بالفعل؟ وأين ظهرت السُحب المضيئة في سماء مصر؟ وهل تعود لظواهر طبيعية أم أن هناك عوامل أخرى؟، وتقدم لكم “البوابة نيوز” تفاصيل ما حدث، آراء الخبراء، وتصريحات الجهات المختصة، في محاولة لفهم حقيقة ما ظهر في سماء مصر.
أجسام لامعة وسُحب مضيئة في سماء مصر تُثير الجدل
بدأت البلاغات والشهادات تتوالى منذ مساء الأربعاء الماضي، حيث أكد مواطنون من محافظات كفر الشيخ، الشرقية، القليوبية، الجيزة، والدقهلية، رؤيتهم لأجسام مضيئة وسُحب ذات أشكال غريبة تُشبه الشرائط المضيئة، بدت وكأنها تتحرك على ارتفاعات شاهقة في السماء.
وقد التُقطت مشاهد بالهواتف المحمولة تُظهر خطوطًا ضوئية متداخلة، وأخرى توهجت لبضع دقائق ثم اختفت، وهو ما عزّز حالة الغموض، وأثار شكوكا ما بين احتمالات لظواهر فلكية، أو نشاط عسكري في الأجواء الإقليمية.

السيناريوهات المتوقعة للسحب المضيئة.. بين الطبيعي والجيوسياسي
مع اتساع نطاق الرصد، بدأ خبراء الأرصاد والباحثون في علوم الفلك والفضاء بتحليل الظاهرة، خاصة مع تزامنها مع تصاعد التوترات في منطقة الشرق الأوسط، والحديث عن إطلاق صواريخ واعتراضات جوية متكررة بين إسرائيل وبعض دول الإقليم.
وأوضح الدكتور تحسين شعلة، خبير البيئة والمناخ، أن الظواهر التي شُوهدت في سماء مصر، وتحديدًا قبيل الفجر، ترتبط في الأغلب بانفجارات تحدث في الطبقات العليا من الغلاف الجوي نتيجة اعتراض صواريخ بعيدة المدى.
وقال في تصريحات إعلامية: "هذه الأضواء ليست أوهامًا أو خدعًا بصرية، بل لها أساس فيزيائي واضح، وهي انعكاسات وانفجارات ناتجة عن اعتراضات دفاعية لصواريخ عابرة تنطلق من مناطق توتر مثل إيران وتتجه نحو فلسطين المحتلة، وتُقابلها أنظمة دفاع جوية تؤدي إلى هذه الانفجارات التي نراها في السماء."
وأضاف "أن الانفجارات التي تحدث خارج الغلاف الجوي تُخلّف سحبًا ضوئية ناتجة عن تفاعل الغازات المحترقة مع طبقات الهواء، وهو ما يظهر على هيئة "سُحب مضيئة" أو خطوط نورانية متداخلة.

الهيئة العامة للأرصاد الجوية.. السحب المضيئة ليست ظاهرة مناخية
من جانبها، أصدرت الهيئة العامة للأرصاد الجوية بيانًا توضيحيًا أكدت فيه أن الظواهر التي تم رصدها لا تندرج تحت التصنيفات المعتادة للظواهر الجوية الطبيعية، مثل البرق أو السحب الركامية أو الغبار الضوئي.
وأوضح الدكتور محمود شاهين، مدير إدارة التنبؤات الجوية بالهيئة، أن الهيئة تابعت المشاهد التي تم تداولها، لكنها لم تُسجل أي مؤشرات لموجات مناخية أو تكوينات جوية غير معتادة في توقيتات الرصد.
وأشار إلى أن التفسير الأقرب يرتبط بما يُعرف بـ"الأنشطة فوق المدارية"، خاصة تلك الناتجة عن إطلاقات أو اعتراضات في الفضاء القريب، والتي تؤثر بصريًا في الغلاف الجوي الأرضي دون أن تترك تأثيرًا مناخيًا مباشرًا على سطح الأرض.

المعهد القومي للبحوث الفلكية.. أقمار صناعية أو حطام فضائي؟
رجّح المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية أن تكون بعض المشاهد التي التُقطت مرتبطة أيضًا بمرور مجموعات من الأقمار الصناعية الحديثة، وتحديدًا تلك التابعة لمشروع "ستارلينك"، حيث تُظهر في أحيان كثيرة سلاسل ضوئية متتالية في السماء، خصوصًا قبيل الشروق أو عقب الغروب، نتيجة انعكاس أشعة الشمس عليها.
لكن المعهد لم يستبعد احتمال ارتباط الظاهرة بحطام فضائي محترق أثناء دخوله المجال الجوي، وهو أمر لا يمكن تأكيده إلا من خلال تتبع راداري دقيق لحركة الأجسام الفضائية في المدار القريب من الأرض.
فيما حذر خبراء بيئة من أن هذه الظواهر قد لا تكون مجرد مشهد بصري عابر، بل يمكن أن تُخلّف آثارًا بيئية على المدى الطويل، خاصة إذا كانت ناتجة عن تفجيرات عسكرية أو مواد حارقة، حيث ترفع من معدلات تلوث الهواء والجزيئات الدقيقة في الغلاف الجوي، وقد تُسهم في اختلال التوازن البيئي في المناطق المتأثرة.

خبير بيئي: انفجارات خارج الغلاف الجوي وراء السحب المضيئة في سماء مصر
أكد الدكتور تحسين شعلة، خبير البيئة والمناخ، أن التوترات الجيوسياسية المحيطة بمصر تنذر بانعكاسات سلبية ومباشرة على البيئة والمناخ في المنطقة خلال الفترات القادمة.
جاء ذلك خلال تصريحات تلفزيونية، حيث أشار إلى أن المنطقة تعيش وسط أجواء ملتهبة من الحروب والصراعات المسلحة، تتنوع أدواتها بين الصواريخ الباليستية والقنابل والمدافع، وهو ما يترك بصمة بيئية واضحة على طبقات الغلاف الجوي.
وفي سياق حديثه، أوضح الدكتور شعلة أن ما يرصده بعض المواطنين في سماء مصر، لا سيما خلال ساعات الفجر أو قبيلها، من ظهور خطوط مضيئة أو سحب غير مألوفة، يعود في الأساس إلى عمليات إطلاق الصواريخ واعتراضها في الطبقات العليا من الغلاف الجوي، مؤكدًا أن هذه المشاهد ليست من وحي الخيال ولا صورًا مُفبركة، بل انفجارات حقيقية تحدث خارج الغلاف الجوي.
وبيّن أن هذه الصواريخ تنطلق في الغالب من اتجاه إيران في طريقها نحو الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث تُقابلها منظومات الدفاع الجوي باعتراضات عنيفة تتسبب في الانفجارات التي قد تُرى بالعين المجردة في بعض الأوقات.
وشدد على أن لهذه الانفجارات أثرًا بيئيًا طويل المدى، حيث تُخلّف بقايا احتراق وغازات سامة تنتشر في الجو، ما يؤدي إلى تلوث الهواء وارتفاع نسب الجزيئات الضارة في طبقات الغلاف الجوي، خاصة في المناطق القريبة من بؤر النزاع.
وأشار خبير البيئة إلى أن مصر، رغم عدم انخراطها المباشر في تلك النزاعات، إلا أنها ليست بمنأى عن تداعياتها البيئية، نظرًا لقرب مجالها الجوي من مناطق التوتر، مما يجعلها عرضة لتغيرات متسارعة في مناخها المحلي نتيجة لتأثر الغلاف الجوي بهذه الأحداث.