في ظل تسارع التحول الرقمي وتنامي الاعتماد على التكنولوجيا في كافة مناحي الحياة، برز الأمن السيبراني كأحد أهم أعمدة الأمن القومي، حيث لم تعد التهديدات الإلكترونية مجرد قضايا تقنية، بل أصبحت تشكل خطرا مباشرا على استقرار الدول واقتصاداتها وأمن شعوبها، وفي هذا السياق، تؤمن الدولة المصرية بأن حماية الفضاء السيبراني لم تعد رفاهية، بل باتت ضرورة استراتيجية، وخطًا أحمر لا يمكن تجاوزه.
تشهد مصر تطورا لافتا في قدرتها على صد الهجمات الإلكترونية وحماية بنيتها التحتية الرقمية، من خلال استراتيجية وطنية متكاملة وضعتها الدولة لتعزيز أمن المعلومات، وضمان الحماية الكاملة للبيانات الخاصة بالمؤسسات والأفراد والجهات السيادية، وتأتي هذه الجهود في إطار رؤية واضحة تهدف إلى ترسيخ مفهوم "مصر الرقمية" المؤمنة والآمنة.
واستكمالا لهذا النهج، أنشأت الدولة "المركز الوطني للأمن السيبراني" التابع للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، ليكون الجهة المسؤولة عن رصد التهديدات وتحليلها والتعامل معها على مدار الساعة، كما تم تشكيل فرق استجابة سريعة داخل المؤسسات الحكومية والخاصة، وإطلاق تدريبات دورية لمحاكاة سيناريوهات هجومية واقعية، ما ساهم في رفع درجة الجاهزية الوطنية لمواجهة أي مخاطر إلكترونية.
ولم تغفل الدولة الجانب التشريعي، فقد أصدرت حزمة من القوانين، أبرزها قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، الذي يضع إطارًا قانونيًا للتعامل مع الجرائم الإلكترونية، ويحفظ حقوق الأفراد ويضمن أمن المؤسسات.
هذه الخطوات لاقت إشادة دولية واسعة، حيث صنّف الاتحاد الدولي للاتصالات مصر ضمن الدول المتقدمة في مؤشر الأمن السيبراني العالمي، وهو ما يعكس التقدم المحرز في البنية التحتية الرقمية، وتوسيع برامج التدريب، ورفع الوعي المجتمعي، فضلًا عن تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في هذا المجال.
ومع استمرار الدولة في ضخ الاستثمارات لتطوير الكوادر المتخصصة وتعزيز قدراتها التقنية، يتأكد أن مصر تسير بثبات نحو بناء مجتمع رقمي آمن وقادر على مواجهة تحديات العصر الرقمي، فالأمن السيبراني هو درع مصر الرقمي، وخطها الأحمر في معركة الحفاظ على السيادة الوطنية في عالم تتسارع فيه وتيرة التهديدات الإلكترونية يومًا بعد يوم.
