أعلن مؤخرًا جهاز التعبئة والإحصاء عن زيادة حجم الصادرات المصرية إلى الخارج بواقع ٤٫٨ مليار دولار خلال شهر مارس الماضى بزيادة عن ذات الفترة من العام الماضى.
والمعروف أن زيادة حجم الصادرات مؤشر إيجابى رائع للاقتصاد المصرى ما يمثل مؤشرًا إيجابيًا وداعمًا للاقتصاد الوطنى، ويعكس جهودًا حكومية حثيثة لتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات المصرية فى الأسواق العالمية، بالإضافة إلى تضافر جهود القطاع الخاص للاستفادة من الفرص المتاحة.
هذه الزيادة ليست مجرد رقم إحصائى، بل دلالة على عدة عوامل متداخلة، منها تحسن بيئة الأعمال، ودعم المبادرات التصديرية، وتوسع قاعدة المنتجات المصدرة. إضافة إلى مرونة القطاعات الصناعية والزراعية فى التكيف مع التحديات العالمية.
لقد لعبت السياسات الاقتصادية المتبعة دورًا محوريًا فى هذا النمو، لا سيما تلك التى تستهدف تسهيل الإجراءات الجمركية، وتوفير حوافز للمصدرين، وفتح أسواق جديدة أمام المنتجات المصرية. كما أسهمت الاتفاقيات التجارية الثنائية والمتعددة الأطراف التى أبرمتها مصر، خلال الفترة الماضية، فى تعزيز نفاذ المنتجات المصرية إلى أسواق كانت صعبة الاختراق فى السابق، ما أسهم فى تنويع الوجهات التصديرية وتقليل الاعتماد على عدد محدود من الأسواق.
ولم تقتصر الزيادة على سلع محددة، بل شملت قطاعات واسعة، ما يشير إلى تنوع القاعدة الإنتاجية وقدرة الصناعات المصرية على تلبية احتياجات مختلفة من الأسواق العالمية. وعلى سبيل المثال لا الحصر شهدت صادرات المنتجات الزراعية نموًا ملحوظًا، مدعومة بجودة المنتجات وتطبيق معايير السلامة الغذائية العالمية، ما عزز الثقة فى المنتجات المصرية فى الأسواق الأوروبية والعربية على وجه الخصوص.
وفيما يخص القطاع الصناعى، أظهرت صادرات مواد البناء والكيماويات والمنتجات الهندسية والغذائية، أداءً قويًا، ما يعكس تحسن القدرة التصنيعية وتنوع الصناعات المصرية. هذه الزيادة فى الصادرات تسهم بشكل مباشر فى تحسين ميزان المدفوعات، وتوفير العملة الصعبة، ودعم استقرار سعر الصرف، ما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الكلى ويسهم فى تقليل الضغوط التضخمية. كما أن زيادة الصادرات تعنى بالضرورة زيادة فى الإنتاج المحلى، ما يؤدى إلى خلق فرص عمل جديدة، سواء بشكل مباشر فى المصانع والشركات المصدرة، أو بشكل غير مباشر فى الخدمات اللوجستية والنقل والتخزين، ما يسهم فى خفض معدلات البطالة وتحسين مستوى المعيشة.
ولا يمكن إغفال دور الاستثمارات الأجنبية المباشرة التى تستهدف القطاعات التصديرية، حيث تعمل هذه الاستثمارات على نقل التكنولوجيا والخبرات، وتحسين جودة المنتجات، وزيادة القدرة التنافسية للصناعات المحلية، ما يعزز من فرص التصدير.
كما أن برامج الدعم الفنى والتدريب للمصدرين، التى يقدمها بعض الجهات الحكومية والخاصة، أسهمت فى بناء قدرات الشركات المصرية على التصدير، وفهم متطلبات الأسواق العالمية، وتطوير استراتيجيات تسويقية فعالة. وعلى الرغم من هذه المؤشرات الإيجابية لا تزال هناك تحديات يتعين على الحكومة والقطاع الخاص العمل عليها لمواصلة هذا الزخم التصديرى، مثل زيادة تحسين البنية التحتية اللوجستية، وتخفيض تكاليف الشحن، وتبسيط الإجراءات الإدارية. إضافة إلى ضرورة الاستثمار فى البحث والتطوير لزيادة القيمة المضافة للمنتجات المصرية، والتكيف مع التغيرات فى أذواق المستهلكين ومتطلبات الأسواق العالمية.
كما أن الاستقرار الاقتصادى والسياسى يلعب دورًا كبيرًا فى جذب الاستثمارات وتعزيز القدرة التنافسية للصادرات، ما يتطلب استمرار جهود الحكومة فى توفير بيئة جاذبة للأعمال والاستثمار. وتعكس زيادة حجم الصادرات المصرية خلال شهر مارس الماضى نجاحًا للسياسات الاقتصادية الموجهة نحو التصدير، وتؤكد مرونة وقدرة الاقتصاد المصرى على التكيف والنمو حتى فى ظل الظروف الاقتصادية العالمية الصعبة.
إن مواصلة دعم الصادرات وتذليل العقبات أمام المصدرين مفتاح لتحقيق النمو الاقتصادى المستدام وتحسين جودة الحياة للمواطنين. وهذا الأمر يتطلب بالضرورة النهوض أكثر بالقطاع الخاص وتقديم المزيد من الدعم لزيادة صادراته إلى الخارج.