مع اقتراب نهاية ولاية الأمين العام الحالي لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط في يونيو 2026، تجدد الجدل حول هوية خلفه.
وسائل إعلام روجت لترشيحات مثل وزير الخارجية الحالي بدر عبد العاطي، ووزير الخارجية السابق سامح شكري، وحتى رئيس الوزراء مصطفى مدبولي.
في المقابل، تطفو على السطح اقتراحات خليجية لمرشحين مثل وزير الخارجية السعودي السابق عادل الجبير أو الإماراتي أنور قرقاش، إلا أن هذه الترشيحات تظل في إطار الآراء غير الرسمية.
الباحث السعودي محمد صالح الحربي أن "لا تصريحاً رسمياً في هذا الشأن، ومصدر هذه الأفكار هو الفضاء الإلكتروني فقط" وفق "بي بي سي"
الأسباب التاريخية والسياسية لاستمرار العرف المصري
تعود فكرة إنشاء الجامعة العربية إلى المبادرة المصرية عام 1943، عندما جمعت مصطفى النحاس باشا ممثلي ست دول عربية لوضع أسس "بروتوكول الإسكندرية"، الذي مهّد لإنشاء الجامعة عام 1945.
وكان التعيين الأول للأمين العام بالإجماع لوزير الخارجية المصري عبد الرحمن عزام، وهو ما يؤكده السفير حسين حسونة (نجل ثاني أمناء الجامعة) بقوله: "مصر قامت بالدور الأساسي في المطالبة بإنشاء الجامعة" حسب تقرير لـ"بي بي سي"
وينص ميثاق الجامعة في المادة 10 على أن "القاهرة المقر الدائم"، بينما تحدد المادة 12 آلية التعيين بـ"أغلبية ثلثي الأعضاء". وقد حافظ العرف على اختيار أمين عام مصري باستثناء الفترة (1979–1990) عندما نُقل المقر إلى تونس بسبب تعليق عضوية مصر بعد اتفاقية كامب ديفيد، حيث تولى التونسي الشاذلي القليبي المنصب.
و تمثل مصر جسراً بين المشرق والمغرب العربي، وتلعب دوراً محورياً في قضايا مثل الصراع الفلسطيني والأزمات في ليبيا والسودان، ففي ظل الحرب على غزة، تقود مصر جهود الوساطة الإنسانية، بينما يُنظر إلى دول الخليج على أنها تركز على "الدور المالي الاقتصادي.
تحديات الإصلاح والضغوط الخليجية
في 2005، فشلت مبادرة جزائرية لترشيح الأخضر الإبراهيمي، وفي 2011، سُحِب ترشيح قطري لـعبد الرحمن العطية بعد التوافق على نبيل العربي، ويرى حسونة أن التنافس على المنصب "ليس من مصلحة أحد"، خاصة في ظل التحديات الإقليمية الملحة
لماذا التغيير غير واقعي الآن؟
الشرعية التاريخية خلال 75% من فترة عمل الجامعة (60 عاماً من أصل 80) قادها أمناء مصريون، مما يجعل العرف جزءاً من شرعيتها، بينما نقل المنصب قد يُفقد الجامعة هويتها وسط أزمات المنطقة، كما أن مصر توفر بنية تحتية دبلوماسية متجذرة، فيما لا توجد دولة عربية أخرى تجمع بين الثقل السكاني والعسكري والثقافي لمصر، مما يعزز حياديتها النسبية.
بين التمسك بالتقاليد وضرورات التطوير
في حين أن الإصلاح مطلوب لتفعيل دور الجامعة، فإن التخلي عن العرف المصري قد يُضعف مؤسسة بالفعل في أزمة، بينما الحل الوسط قد يكون في تحديث الميثاق بآليات انتخاب شفافة مع الاحتفاظ بالأفضلية لمصر.
إضافة إلى منح الأمين العام صلاحيات أوسع في صنع القرار، وإشراك الخليج: عبر مناصب نائب الأمين العام أو رئاسة لجان اقتصادية.
ويقول الدكتور مصطفى الفقي، المندوب المصري السابق: "التنافس على المنصب يصرف الانتباه عن قضايا الأمة الحقيقية"، فالقضية ليست احتكاراً، بل استمراراً لتاريخ من الريادة يتوافق مع مصالح العرب جمعاء.
==