يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، واحدة من أخطر أزماته السياسية، مع اتجاه الكنيست اليوم للتصويت على مشروع قانون لحل نفسه، وسط توتر متصاعد حول قانون التجنيد الإجباري للحريديم، الأزمة التي بدأت منذ قرار المحكمة العليا في يونيو 2024 بوقف الامتيازات المالية لهؤلاء المتدينين، وإخضاعهم لقانون التجنيد العام، ما أثار غضب الأحزاب الدينية، وأشعل خلافات داخل الائتلاف الحكومي، وهذا التصدع استغلته المعارضة لطرح مشروع قرار لحل الكنيست، وسط انقسام واضح في صفوف شركاء نتنياهو.
وفي هذا الصدد، قدمت شبكة "القاهرة الإخبارية"، تغطية للمشهد الإسرائيلي المتسارع، حيث نقلت عن مراسلتها دانا أبوشمسية، أن نتنياهو يحاول تجنب الانهيار عبر التلويح بملفات أمنية حساسة، أبرزها البرنامج النووي الإيراني والوضع في غزة، أما الباحثة السياسية تمارا حداد، فوصفت نهجه بأنه "مناورة بالمماطلة"، محذرة من أن رئيس الحكومة قد يضلل الحريديم بزعم "الحاجة الوطنية للاستمرار بالحرب".
نتنياهو يستخدم قضيتي إيران وغزة كورقتي ضغط لتثبيت ائتلافه
وقالت مراسلة "القاهرة الإخبارية"، دانا أبوشمسية، إن الكنيست يعيش لحظة مفصلية اليوم، مع توجهه للتصويت على مشروع قانون لحل نفسه، في ظل أزمة عميقة تفجرت بسبب قانون التجنيد الإجباري للحريديم، موضحة أن جذور الأزمة تعود إلى قرار المحكمة العليا في يونيو 2024، بضرورة وقف المساعدات المالية المخصصة للحريديم، وفرض التجنيد الإجباري عليهم أسوة ببقية المواطنين.
وأشارت أبوشمسية إلى أن أحزاب المعارضة الإسرائيلية استغلت حالة الانقسام داخل الائتلاف الحكومي، خصوصًا بين حزبي "شاس" و"يهدوت هتوراه" المتدينين، للضغط باتجاه حل الكنيست، بعد أن تباطأ نتنياهو في تمرير قانون يستثني الحريديم من التجنيد، خشية انهيار الائتلاف، مؤكدة أن نتنياهو، الذي يقود ائتلافًا يضم 68 مقعدًا، يحاول كسب الوقت عبر التفاوض مع الحريديم، في مسعى للحفاظ على استقرار حكومته حتى نهاية فترتها المقررة في أواخر 2026، ولكن تمرير قانون حل الكنيست يتطلب ثلاث قراءات داخل البرلمان، ويُتوقع أن تبدأ اليوم بالقراءة التمهيدية.
ولفتت المراسلة إلى أن نتنياهو يستخدم قضيتي إيران وقطاع غزة كورقتي ضغط لتثبيت ائتلافه، ملوحًا بتطورات "مهمة" في المفاوضات بشأن غزة، واحتمالات إنهاء الحرب، وهو ما قد يُسقط مبررات تجنيد الحريديم.
نتنياهو يناور سياسيًا بالمماطلة وخداع الحريديم لتجنب حل الكنيست
من جانبها، قالت الدكتورة تمارا حداد، الكاتبة والباحثة السياسية، إن نتنياهو يستند إلى سياسة المماطلة وكسب الوقت في مواجهة التهديدات بحل الكنيست، مؤكدة أن اليوم سيكون حاسمًا في تحديد ما إذا كانت الحكومة الائتلافية ستصمد أم سيتم تفكيكها.
وفي مداخلة عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، أوضحت “حداد” أن المعارضة الإسرائيلية عقدت صباح اليوم اجتماعًا موحدًا لجميع الكتل، وتوافقت على طرح مشروع قانون لحل الكنيست، ما وضع الحريديم والتيارات الدينية أمام اختبار حقيقي لصدق نواياهم بشأن تأييد هذا التحرك، مضيفة أن نتنياهو يسعى لاستمالة التيارات الدينية بإثارة "الهواجس الأمنية"، متذرعًا بملف إيران النووي وبفشل الحكومة حتى الآن في القضاء الكامل على حماس أو إخراج جميع الرهائن من غزة.
واعتبرت أن هذه الذرائع تُستخدم كغطاء لتفادي انهيار حكومته وكسب مزيد من الوقت، مؤكدة أن أحد السيناريوهات المرجحة هو تأجيل الحسم إلى صباح الخميس أو حتى نهاية الأسبوع، إما بالتوصل إلى توافق يبقي الحكومة على قيد الحياة، أو المضي قدمًا في تفكيكها، وأنه قد يلجأ لخداع الحريديم لإقناعهم بعدم الانضمام للمعارضة، عبر ادعاء الحاجة إلى "استكمال النصر العسكري" في غزة.
وتابعت أن نتنياهو قد يراهن على استمرار العمليات العسكرية حتى مارس 2026 لتغيير واقع غزة جغرافيًا وديموغرافيًا وأمنيًا، وذلك بالتوازي مع مفاوضات هدنة مؤقتة تهدف إلى إخراج عدد محدود من الرهائن دون التزام بوقف الحرب.
مستقبل ائتلاف نتنياهو نحو التفكك إذا فشل بحل أزمة تجنيد الحريديم
وقال الدكتور رمزي عودة، أمين عام الحملة الأكاديمية الدولية لمناهضة الاحتلال وخبير الشئون الإسرائيلية، إن مستقبل الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو يتجه نحو التفكك في حال لم يتم التوصل إلى حل لأزمة تجنيد الحريديم، موضحًا أن مصير الكنيست مرهون بموقف حزب "شاس" المتدين، الذي يمتلك مفاتيح حاسمة في التصويت المرتقب.
وبين أن الحزب لم يعلن بشكل واضح عن قراره النهائي، ويمارس مناورات سياسية عبر وسائل الإعلام، رغم علاقته القوية برئيس الوزراء نتنياهو، ومحاولته الدائمة اقتناص امتيازات وزارية من خلال موقعه ضمن الائتلاف، مضيفًا أن "شاس"، رغم كونه حزبًا صغيرًا نسبيًا، تمكن خلال العقد الأخير من الاستحواذ على وزارات مؤثرة مثل التربية والتعليم.
وأشار إلى أن موقفه من قضية التجنيد سيُحدد مصير البرلمان والحكومة، منبهًا إلى أن موضوع تجنيد الحريديم مسألة "عقائدية" وليست سياسية فقط، حيث ترفض الأحزاب الدينية فكرة تجنيد أبنائها، معتبرين أن دورهم الديني يقتصر على الصلاة وليس الخدمة العسكرية.
وأكد أنها إذا فشلت الحكومة في تمرير إعفاء الحريديم من التجنيد، فإنهم أمام احتمالات جدية لانهيار الائتلاف"، وأن هناك بالفعل تحركات داخل الجيش الإسرائيلي لاستدعاء الآلاف من شباب الحريديم للخدمة، وهو ما يزيد الضغط على الأحزاب الدينية ويُفاقم الأزمة، وأن المشهد السياسي الإسرائيلي يشهد حالة ترقب كبيرة، خاصة مع بدء تحركات من بعض القادة العسكريين المتقاعدين مثل غادي أيزنكوت، الذين يخططون للعودة إلى الحياة السياسية وتأسيس أحزاب جديدة، قد تغير شكل السلطة في الانتخابات المقبلة.