تعيش الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في هذه الفترة صوم الرسل، وهو أحد أقدم الأصوام في التاريخ الكنسي، ويتميز بأنه الصوم الوحيد غير الثابت في توقيته ومدته من بين الأصوام القبطية، إذ يتغير سنويًا حسب موعد عيد القيامة المجيد.
ويبدأ صوم الرسل دائمًا في اليوم التالي لعيد العنصرة (حلول الروح القدس)، ويستمر حتى عيد رحيل القديسين بطرس وبولس، الموافق ٥ أبيب (١٢ يوليو). وبسبب أن عيد القيامة يأتي في تاريخ متغير كل عام، تختلف بالتبعية مدة صوم الرسل، والتي قد تصل في بعض السنوات إلى ٣٣ يومًا أو أكثر أو تقل تدريجيًا حتى تصل إلى يوم واحد فقط في بعض الحالات النادرة كما حدث في سنوات سابقة، مما يجعله أكثر الأصوام تقلبًا في الكنيسة.
من أقدم الأصوام وأقربها للكرازة
ترجع جذور صوم الرسل إلى الكنيسة الأولى، حيث بدأ بعد حلول الروح القدس مباشرة، كتقليد روحي يسبق انطلاق التلاميذ في رحلاتهم الكرازية. ويُعتبر هذا الصوم تعبيرًا عن الاستعداد الروحي للخدمة والشهادة، لذلك يرتبط اسمه بالرسل بطرس وبولس، اللذين يُحتفل باستشهادهما في ختام الصوم.
ويُصنّف صوم الرسل ضمن أصوام الدرجة الثانية، مما يعني السماح فيه بتناول السمك (في الأيام التي لا تقع في الأربعاء والجمعة)، وهو يتميز بروح تقشفية تركّز على الصلاة والخدمة والقراءة الروحية. وتُكثف الكنيسة خلال هذا الصوم اللقاءات الرعوية والعظات التي تتناول حياة الرسل ورسالتهم الكرازية.
اهتمام رعوي رغم قصر المدة أحيانًا
ورغم تفاوت مدته بين سنة وأخرى، تولي الكنيسة اهتمامًا روحيًا خاصًا بهذا الصوم، سواء كان طويلًا أو قصيرًا، وتؤكد في تعليمها أن المغزى الروحي لا يتوقف على عدد الأيام، بل على مدى الاستعداد الداخلي وتكريس القلب لمحبة الله وخدمة الآخرين.
ويُعد عيد القديسين بطرس وبولس، الذي يُختتم به هذا الصوم، من أبرز الأعياد الرسولية في الكنيسة، وتُقام له صلوات خاصة واحتفالات كنسية في معظم الإيبارشيات، تكريمًا لهذين القديسين اللذين يُعدان من أعمدة الكنيسة الأولى.
