من صفحات الأدب إلى مشاهد السينما، استطاع تشارلز ديكنز (7 فبراير 1812 - 9 يونيو 1870) أن يعبر حدود الزمان والمكان، وأن تُبعث شخصياته وحكاياته من جديد في أعمال سينمائية خالدة، ورغم مرور أكثر من 150 عامًا على وفاته، لا تزال رواياته تلهم صناع الأفلام حول العالم لإعادة روايتها بأساليب بصرية ساحرة تُعيد إحياء أسئلته القديمة حول الفقر والعدالة والرحمة.
وخلال السطور التالية؛ يستعرض "الدستور" أبرز روايات تشارلز ديكنز التي وجدت طريقها إلى الشاشة، وتركَت بصمة لا تُنسى في ذاكرة السينما العالمية..
Great Expectations (توقعات عظيمة)
من أعرق ما قدمته السينما عن أدب تشارلز ديكنز، وهو فيلم كلاسيكي بالأبيض والأسود من إخراج ديفيد لين، يروي قصة "بيب"، الطفل اليتيم الذي نشأ في كنف أخته القاسية وزوجها الطيب "جو".
تبدأ الأحداث حين يلتقي بيب بسجين هارب، في موقف يغير مجرى حياته تمامًا، وبين نشأته المتواضعة، وتعلقه العاطفي بفتاة من الطبقة العليا تُدعى "إستيلا"، يخوض بيب رحلة طويلة من التغيّر الداخلي والتقلبات الاجتماعية.
Oliver Twist (أوليفر تويست)
قصة الطفل الذي وُلد في دار للأيتام بعد وفاة والدته، ودخل منذ صغره في دوامة من القسوة والإهمال، حتى وجد نفسه متورطًا في عالم النشل والسرقة بقيادة رجل يُدعى "فاجن"، الذي يستخدم الأطفال كأداة للجريمة.
الفيلم، الذي أخرجه رومان بولانسكي، أعاد تقديم الرواية الكلاسيكية في قالب بصري قوي، راسمًا ملامح القهر والبراءة التي ميّزت شخصية أوليفر، والتي ربما تحمل في طياتها إسقاطًا على طفولة ديكنز نفسه.
A Tale of Two Cities (قصة مدينتين)
تدور أحداث الفيلم في لندن وباريس قبيل اندلاع الثورة الفرنسية، كاشفة عن تناقضات المجتمع الطبقي، وأحلام الحرية التي كانت تغلي تحت سطح الاستبداد، وتتبع القصة شخصية "لوسي مانيت" التي تذهب إلى فرنسا لإحضار والدها من سجن الباستيل، لتتشابك خيوط الدراما بين المحبة والتضحية والفداء.
الفيلم من إخراج جاك كونواي، وضم نخبة من النجوم، من بينهم رونالد كولمان في دور المحامي "كارتون"، وإليزابيث آلان وباسل راثبون.
A Christmas Carol (أنشودة عيد الميلاد)
قدمته السينما في أكثر من نسخة، من أشهرها الفيلم الرسومي الذي أخرجه روبرت زيميكس، وقام بالأداء الصوتي فيه النجم جيم كاري بشخصية "سكروج" البخيل الذي يكره أجواء الميلاد ويرفض مشاعر العطاء والفرح، ويزوره في ليلة الميلاد ثلاثة أرواح لتكشف له ماضيه وحاضره ومستقبله، في رسالة إنسانية مؤثرة.
شارك في الفيلم أيضًا جاري أولدمان، وكولين فيرث، وروبين رايت، وقدم بأسلوب بصري مذهل جمع بين الدراما والتقنيات الحديثة.
The Personal History of David Copperfield
تجسيد عصري لرواية "ديفيد كوبرفيلد"، من إخراج أرماندو إيانوتشي، وبطولة ديف باتيل في دور البطولة، إلى جانب تيلدا سوينتون وهيو لوري وبيتر كابالدي، وقدم الفيلم معالجة مبهجة وحيوية لقصة شاب يتيم يخوض رحلة معاناة طويلة قبل أن يثبت نفسه في المجتمع.
الفيلم تميز برؤية بصرية مغايرة، واختيار جريء في التنوع العرقي للممثلين، مما أعطاه بعدًا حداثيًا وإنسانيًا مختلفًا.
David Copperfield (نسخة 1999)
أنتجت هوليوود نسخة أخرى من الرواية عام 1999، وكان بطلها الطفل دانيال رادكليف، قبل أن يعرفه العالم في سلسلة "هاري بوتر"، ورصد الفيلم مراحل طفولة "ديفيد" القاسية بعد وفاة والديه، ومعاناته مع زوج أمه ومديرة المدرسة، وصولًا إلى تحقيق ذاته رغم العقبات.