السبت 07/يونيو/2025 - 06:40 م 6/7/2025 6:40:10 PM
الاتصال الذى تلقاه الرئيس عبدالفتاح السيسى، مؤخرًا من أنطونيو كوستا، رئيس المجلس الأوروبى، يؤكد أهمية استمرار التنسيق المشترك بين مصر والاتحاد الأوروبى حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية. كما يعزز سبل التعاون بين الجانبين وتكثيف الجهود لتنفيذ جميع محاور الشراكة الاستراتيجية الشاملة.
ويعد التنسيق المشترك بين مصر والاتحاد الأوروبى حجر الزاوية فى بناء شراكة استراتيجية قوية وفعالة تسهم بفاعلية فى معالجة العديد من القضايا الإقليمية والدولية الملحة، وتعزز الاستقرار والأمن فى المنطقة وشرق الأوسط، وتمتد لتشمل مجالات أوسع على الساحة العالمية. هذه الشراكة ترتكز على المصالح المشتركة والقيم المتبادلة. وشهدت تطورًا ملحوظًا فى السنوات الأخيرة، لتصبح نموذجًا للتعاون البناء بين الشمال والجنوب. فمصر بوزنها التاريخى والجغرافى، تمثل ثقلًا إقليميًا لا يمكن إغفاله، وتلعب دورًا رئيسيًا فى القضايا العربية والإفريقية والمتوسطية. ويمثل الاتحاد الأوروبى تكتلًا سياسيًا واقتصاديًا ضخمًا، له تأثيره الكبير على الساحة العالمية، ويضطلع بمسئولية تجاه استقرار جواره الجنوبى.
وتتجلى أبعاد هذا التنسيق المشترك فى مقاربة شاملة ومتعددة الأوجه تشمل الأمن، والهجرة والتنمية الاقتصادية، وحقوق الإنسان. وتعمل مصر والاتحاد الأوروبى بشكل وثيق لمكافحة الإرهاب والتطرف، وهى ظاهرة عابرة للحدود تشكل تهديدًا مشتركًا للجانبين. ويتبادل الطرفان المعلومات والخبرات، وينسقان الجهود فى مكافحة تمويل الإرهاب والتصدى للأيديولوجيات المتطرفة. كما يولى الطرفان اهتمامًا خاصًا للأزمات الإقليمية، مثل الأزمات الليبية والسورية والفلسطينية.
ففى الملف الليبى تتفق رؤى الجانبين، إلى حد كبير، على ضرورة التوصل إلى حل سياسى شامل، يدعمه الليبيون أنفسهم، ويؤدى إلى استقرار البلاد ووقف التدخلات الخارجية. وتلعب مصر دورًا أساسيًا فى هذا الأمر، بينما يدعم الاتحاد الأوروبى جهود الأمم المتحدة والمؤسسات الليبية الشرعية. وفيما يتعلق بالأزمة السورية، يتبنى الطرفان مقاربة متشابهة تركز على الحل السياسى الذى يحفظ وحدة سوريا وسيادتها، وتعمل على تخفيف المعاناة الإنسانية للملايين من اللاجئين والنازحين. ويلتزم الاتحاد الأوروبى بتقديم المساعدات الإنسانية والتنموية، بينما تسعى مصر إلى إيجاد قواسم مشتركة بين الأطراف المتصارعة، وتقديم الدعم للجهود الرامية إلى عودة اللاجئين إلى بلادهم بأمان وكرامة. أما القضية الفلسطينية، فتحظى باهتمام كبير من الجانبين، حيث يؤكد كل منهما أهمية حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، بما يضمن الأمن والاستقرار للجميع. وتلعب مصر دورًا تاريخيًا فى الوساطة بين الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية، بينما يقدم الاتحاد الأوروبى دعما ماليًا وسياسيًا للسلطة الفلسطينية، ويدعو إلى احترام القانون الدولى وحقوق الإنسان.
وتعد إدارة ملف الهجرة غير الشرعية أحد أبرز مجالات التنسيق بين مصر والاتحاد الأوروبى، حيث يواجه الطرفان تحديًا مشتركًا يتمثل فى تدفقات المهاجرين واللاجئين عبر المتوسط. وقد اتخذت مصر إجراءات صارمة للحد من الهجرة غير الشرعية، ما أدى إلى توقف شبه كامل لتدفقات المهاجرين غير الشرعيين من السواحل المصرية منذ عام ٢٠١٦. كما يعمل الجانبان على تعزيز الهجرة المنظمة والشرعية، بما يخدم مصالح الطرفين. كما يمثل الاتحاد الأوروبى الشريك التجارى الأول لمصر، وأحد أكبر المستثمرين الأجانب فيها. ويدعم الاتحاد الأوروبى جهود الإصلاح الاقتصادى فى مصر من خلال برامج المساعدة الفنية والمالية، التى تهدف إلى تحسين مناخ الأعمال، وتطوير البنية التحتية، وزيادة القدرة التنافسية للاقتصاد المصرى. كما يعزز التعاون فى قطاعات الطاقة المتجددة، والزراعة، والسياحة، والبحث العلمى والابتكار. ويسهم هذا التعاون فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتحسين مستويات المعيشة للمواطنين. إن التنسيق المشترك بين مصر والاتحاد الأوروبى يمثل نموذجًا ناجحًا للتعاون الاستراتيجى الذى يتجاوز مجرد المصالح الضيقة، ليشمل رؤية مشتركة لمستقبل المنطقة والعالم. إنه شراكة تتسم بالعمق، وتتطور باستمرار لمواجهة التحديات الجديدة، وتوظيف الفرص المتاحة.