سلّطت صحيفة الجارديان البريطانية، اليوم الجمعة، الضوء على التوترات التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في ظل ما وصفته بـ"استراتيجية الحزم" التي تتبعها بروكسل لتفادي موجة جديدة من الرسوم الجمركية الأمريكية.
وقالت الصحيفة في تقرير لها حمل عنوان "بين إعادة فرض الرسوم الجمركية ورد الصين: هل يمكن للاتحاد الأوروبي تأمين صفقة مع واشنطن؟": إن "حالة من التفاؤل الحذر" تسود أروقة صنع القرار في بروكسل، رغم اقتراب المهلة النهائية التي حددها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لفرض رسوم بنسبة 20% على واردات الاتحاد الأوروبي.
وأضافت الصحيفة أن هذا التصعيد يضع العلاقات التجارية عبر الأطلسي، التي تقدر قيمتها بـ706 مليارات جنيه إسترليني، أمام اختبار حاسم، وسط مخاوف من أن تقويض النظام العالمي القائم على القواعد سيكون الثمن الأكبر لهذا التوتر.
قادة التكتل الأوروبي أمام معضلة معقدة
وتابعت الجارديان: أن قادة الاتحاد الأوروبي يواجهون معضلة معقدة "إما الإذعان لمطالب ترامب، بما فيها إزالة الحواجز غير الجمركية مثل معايير الغذاء، أو التمسك بالموقف الموحد والوقوف بحزم، ولو أدى ذلك إلى مواجهة تجارية مكلفة".
ورأت الصحيفة أن جزءًا كبيرًا من أزمة الثقة الحالية يعود إلى سلوك الرئيس الأمريكي، الذي يتعامل مع الاتحاد الأوروبي بمبدأ "المساومة الصفرية"، وهو ما ظهر في التهديد المفاجئ بفرض رسوم بنسبة 50% على جميع الواردات الأوروبية.
وأشارت الجارديان إلى أن قمة الناتو المقبلة في 24 يونيو قد تُعقد المشهد، خاصة أن ترامب أبدى سابقًا عداءً واضحًا تجاه الكتلة الأوروبية، وهو ما قد يستغلّه لممارسة المزيد من الضغط.
وذكرت الصحيفة أن مفاوض الاتحاد الأوروبي البارز ماروش شيفتشوفيتش لا يزال يُظهر تفاؤله، لكنه في الوقت ذاته يواصل الاستعداد لـ"أسوأ السيناريوهات"، مؤكدًا أن "السلاح لا يزال على الرف، وإن كنا لا نرغب في استخدامه"، وفق نص التقرير.
وفي سياق التحركات الأوروبية، أشارت الصحيفة إلى أن الاتحاد الأوروبي كثف محادثاته مع واشنطن، وكذلك عقد اجتماعات في باريس في مقر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بهدف إزالة التوتر وتوضيح النقاط الخلافية.
وفي خضم هذه الأزمة، نقلت الجارديان عن مصادر تجارية قولها: "إن الضرر الأكبر قد لا يقتصر على الرسوم، بل على تآكل الثقة بين الحلفاء التقليديين، في وقت باتت فيه أوروبا تضع نفسها، ولأول مرة، في نفس خانة الصين في أعين واشنطن".
صناعات عدة تقف على حافة الخطر
وأوضحت الصحيفة أن العديد من الصناعات – وفي مقدمتها الطيران – تقف على حافة الخطر، حيث يمكن أن تنهار اتفاقيات تاريخية للإعفاء الجمركي، مما يهدد سلاسل التوريد العالمية ويقوض التعاون عبر الأطلسي.
وأشارت الصحيفة في السياق إلى أن الاتحاد الأوروبي يعمل أيضًا على تنويع شراكاته التجارية، عبر مفاوضات متقدمة مع دول مثل الهند وأستراليا والفلبين، في محاولة لتقليل الاعتماد على السوق الأمريكية، ومواجهة "التحول الجذري في النظام العالمي"، كما وصفته المصادر الأوروبية.