79 عامًا مرت على ميلاد الفنان محمود عبد العزيز، الذي وُلد في الرابع من يونيو عام 1946، في حي الورديان غرب مدينة الإسكندرية، ونشأ وسط بيئة شعبية بسيطة، وتلقى تعليمه في مدارس الحي قبل أن يلتحق بكلية الزراعة في جامعة الإسكندرية، وهناك بدأت ملامح موهبته الفنية في الظهور، من خلال مشاركته في فريق المسرح التابع للكلية، ورغم دراسته العلمية المتخصصة، إذ حصل على بكالوريوس ثم ماجستير في "تربية النحل"، فإن قلبه ظل معلقًا بعالم التمثيل الذي جذب انتباهه منذ شبابه.
لم يكن محمود عبد العزيز مجرد فنان تقليدي، بل كان واحدًا من أكثر نجوم جيله تنوعًا وحضورًا، حيث بدأت انطلاقته الفنية الحقيقية في سبعينيات القرن الماضي، حيث قدّم أدوار الشاب الوسيم والرومانسي، التي سرعان ما تطوّرت إلى أدوار أكثر عمقًا في ثمانينيات القرن العشرين، وخلال هذه الفترة، برع في تقديم أعمال درامية واجتماعية ممزوجة بالكوميديا، ومن أبرزها "الكيف" و"الشقة من حق الزوجة"، اللذان أثبتا قدرته على التجديد والتأثير.
وفي نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات، تحول إلى أيقونة للدراما الوطنية، خاصة من خلال أدائه المبهر لشخصية "رأفت الهجان" في المسلسل الشهير الذي حمل الاسم نفسه، أما في الألفية الجديدة، فقد أبدع في تقديم شخصيات مركبة ومليئة بالتناقضات، مثل شخصية "عبد الملك زرزور" في فيلم "إبراهيم الأبيض"، وكان للأدب نصيب من أعماله السينمائية، إذ قدم عدة أفلام مأخوذة عن أدب مصري وعالمي، منحها من روحه وأسلوبه ما جعلها خالدة في الذاكرة الفنية؛ وهو ما نستعرضه خلال السطور التالية..
ولا يزال التحقيق مستمرًا (1979)
من أوائل الأفلام التي قدّم فيها محمود عبد العزيز أداءً مركبًا، وهو من إخراج أشرف فهمي، عن قصة لإحسان عبد القدوس وسيناريو مصطفى محرم، وحوار بشير الديك، وجسد فيه شخصية "مدحت"، صديق الطفولة الذي يعود من الخارج وقد كوّن ثروة، ويتورط في علاقة مع زينب، زوجة صديقه حسين، ما يؤدي إلى تعقيدات عاطفية ونفسية وانقلاب في المصائر، وتتصاعد الأحداث حتى تُقدِم زينب على قتل مدحت وتخطط لتوريط زوجها في الجريمة، لكن الأخير يكشف خيانتها ونواياها المظلمة ويقوم بقتلها قبل أن يهرب مع شقيقته في لحظة وصول الشرطة.
✗ علامة معناها الخطأ (1980)
فيلم من إخراج وسيناريو وحوار سمير نوار، مقتبس عن الرواية العالمية "الكونت دي مونت كريستو" لألكسندر دوما، ويؤدي محمود عبد العزيز دور "رمزي"، رئيس قسم الحسابات النزيه الذي يُزَجّ به في السجن ظلمًا بعد أن يكتشف اختلاسات داخل شركته، وتتآمر خطيبته مع رئيس مجلس الإدارة لتوريطه، فيتعرض للمرض خلال سجنه، لكنه يخرج راغبًا في الانتقام، وبمساعدة الصحفية "سماح"، يكشف الفساد بالأدلة، وينتقم ممن تسببوا في تدمير حياته، وإن كان المرض قد فتك به في النهاية.
ولكن شيئًا ما يبقى (1984)
عن قصة كتبها فتحي أبو الفضل، وكتب لها السيناريو أحمد صالح، وأخرجها محمد عبد العزيز، جسد محمود عبد العزيز شخصية "عزيز محمد مطر"، شاب محتال يعيش على الخداع والاحتيال برفقة عشيقته، ويتنقل بين الحيل والمكائد.
وكالة البلح (1982)
عن قصة للأديب نجيب محفوظ، من إخراج حسام الدين مصطفى، وسيناريو مصطفى محرم، وبطولة نادية الجندي؛ قدّم فيه محمود عبد العزيز شخصية "عبدون"، العامل البسيط الذي يتحوّل إلى ضحية في سوق وكالة البلح، وسط عالم يعج بالجريمة والطمع والنفوذ.
الجوع (1986)
ضمن واحدة من أبرز حكايات "الحرافيش" التي كتبها نجيب محفوظ، لعب محمود عبد العزيز دور "فرج الجبالي"، الفتوة المتجبر الذي يسجن أخاه بعد أن تجرأ ووزع طعامًا على الفقراء دون إذنه.
وتجسدت في هذا العمل الملحمي صراعات السلطة والعدل، وصورة الطغيان في مواجهة الوعي الشعبي، وجاء أداء محمود عبد العزيز قويًا ومؤثرًا، ليؤكد من جديد قدرته على تجسيد شخصيات مركبة ومتناقضة.