تصاعدت تداعيات واقعة الحفر السري للتنقيب عن الآثار أسفل مبنى قصر ثقافة الطفل بمنطقة أبو الجود بمحافظة الأقصر، حيث أمرت النيابة العامة بندب لجنة أثرية ثلاثية جديدة للمرة الثالثة، لتأكيد صحة الشواهد التي عثرت عليها اللجان السابقة في الموقع، والذي يُعتقد أنه يحتوي على كشف أثري كبير.
اللجنة الجديدة تضم اثنين من مديري معابد الكرنك ومفتش آثار الأقصر، وتُعد مختلفة تمامًا عن اللجنة الخماسية التي شكّلها ديوان عام محافظة الأقصر، واللجنة الثلاثية السابقة التابعة إداريًا لمنطقة آثار الأقصر، ويهدف ندب اللجنة الثالثة إلى توحيد التقييمات الفنية وسط تضارب المعلومات وظهور دلائل قوية على وجود حفريات أثرية غير مصرح بها.
وبحسب مصدر مسؤول من اللجنة الأثرية، فإن الحفر بالموقع كشف عن سرداب أثري على شكل حرف "L" يمتد من الغرفة الشرقية للمبنى وحتى نهايته باتجاه طريق الكباش، ويبلغ عمقه نحو 5 أمتار، واتساعه الأفقي 9 أمتار، وهو ما وصفه المصدر بـ"الخطير والدال على نية مبيتة للتنقيب".
شواهد أثرية مهمة
وأضاف أنه جرى العثور على شواهد أثرية مهمة، من بينها أمفورة رومانية سليمة كانت تُستخدم لحفظ الزيوت أو النبيذ، وأوانٍ فخارية، وطوب أثري يعود للعصر البطلمي، مما يعزز احتمالات وجود كشف أثري ثمين تحت المبنى.
وتعود بداية القصة إلى عرض قدمته شركة مقاولات لتنفيذ أعمال صيانة مجانية داخل قصر ثقافة الطفل مقابل دعاية باسمها، وهو ما وافقت عليه إدارة الثقافة بالأقصر، التي عرضت على الشركة عددًا من المواقع المقترحة، لتستقر على قصر ثقافة الطفل في أبو الجود، وهو عبارة عن شقتين بالطابق الأرضي في عمارة إسكان اجتماعي.
ورغم أن إدارة الثقافة أكدت أن الموقع مؤجر ويتبع المحافظة ومجلس المدينة، بدأت الشركة أعمال الصيانة يوم 25 فبراير الماضي، قبل أن يؤدي هبوط أرضي مفاجئ أمام المبنى إلى كشف الحفرة داخل إحدى الغرف، ما استدعى تدخل الأجهزة الأثرية والجهات الأمنية.
زيارة الوزير
وخلال زيارة ميدانية مفاجئة، رصد الدكتور أحمد هنو، وزير الثقافة، وجود حفرة عميقة داخل إحدى غرف الشقة الملحقة بقصر ثقافة الطفل، يُشتبه بأنها نتيجة أعمال تنقيب غير مشروعة عن الآثار.
وأكد الوزير، أن الشركة تجاوزت نطاق الترميمات المصرح بها، وقامت بالحفر لمسافة عدة أمتار في ظل غياب تام للمسؤولين عن الموقع من فرع الثقافة بالأقصر والإقليم الثقافي التابع له.
وعلى خلفية ما رصده الوزير، قرر إحالة كل من رئيس إقليم جنوب الصعيد الثقافي السابق، والمدير العام الحالي للإقليم، ومدير فرع ثقافة الأقصر، وعدد من مسؤولي الإدارة الهندسية والمكتب الفني والصيانة، بالإضافة إلى مديري قصر ثقافة الأقصر وقصر ثقافة الطفل، ومسؤول الأمن، إلى التحقيق الفوري، مع التأكيد على اتخاذ كافة الإجراءات الإدارية والقانونية اللازمة حيال الواقعة.