مع كل موسم لعيد الميلاد في الكنائس الغربية، يتجدد سؤال يبدو بسيطًا لكنه شديد التعقيد تاريخيًا، من كان أول من رسم وجه المسيح؟
الإجابة التي يتفق عليها مؤرخو الفن المسيحي المبكر، لا يوجد اسم موثق لفنان واحد يمكن اعتباره "الأول" إذ لم يصلنا أي تصوير معاصر للمسيح من القرن الأول، بينما أقدم ما بقي من صور للمسيح جاء في هيئة رسوم جدارية (فريسكات) مجهولة الفنان داخل مبان ومواضع عبادة ودفن تعود للقرنين الثالث والرابع الميلاديين.
أقدم الأدلة الباقية تقود إلى الشرق أولًا، وتحديدًا إلى موقع دورا- أوروبوس (في سوريا الحالية)، حيث عُثر على رسومات جدارية داخل مبنى كنيسة مبكرة، من أشهرها مشهد يُعرف بـ"المسيح يشفي المفلوج" في غرفة المعمودية، وتعرضه جهات متحفية بوصفه من أقدم التصويرات البصرية للمسيح، وتربطه عادةً بزمنٍ مبكر في القرن الثالث الميلادي.
وفي روما، تظهر الملامح عبر طريقٍ مختلف: رموز فنية أكثر منها بورتريهات مباشرة، من أبرزها صورة "الراعي الصالح" في سراديب المسيحيين (الكاتاكومب)، بوصفها استعارةً للمسيح الحامي والهادي، وهي أيقونة شائعة في الفن الجنائزي المسيحي المبكر، وتؤرخ أمثلتها في كاتاكومب بريسيلا إلى القرن الثالث الميلادي.
ويشير باحثون أيضًا إلى وجود رسومٍ مبكرة ذات طبيعة ساخرة، عدائية تجاه المسيحيين، مثل نقش "أليكسامينوس يعبد إلهه" الذي يؤرخ عادةً إلى نحو القرن الثالث الميلادي تقريبًا، وهو لا يقدم "وجهًا تعبديًا" للمسيح بقدر ما يكشف أن صورة المسيح كانت موضوعًا حاضرًا في المجال العام الروماني مبكرًا وبأشكال متباينة.
أما إذا كان السؤال عن أقدم "أيقونة" باقية للمسيح على لوحة (وليس رسمًا جداريًا)، فأشهر مثال يستشهد به هو أيقونة المسيح ضابط الكل في دير سانت كاترين بسيناء، ويُرجح تأريخها إلى القرن السادس الميلادي، مع بقاء هوية الفنان غير معروفة على وجه الدقة.

















0 تعليق