مرحلة حاسمة بعد الزيارة البابوية.. ضغط اميركي وتصعيد اسرائيلي مفتوح!

لبنان24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تتجه التقديرات السياسية في الأيام الأخيرة نحو اعتبار الفترة التي تلي انتهاء زيارة البابا لاوون الرابع عشر مرحلة مرشّحة لارتفاع مستوى الضغط الإسرائيلي على لبنان، وسط حديث عن احتمال الانتقال إلى مستوى جديد من العمل العسكري المباشر ضد البلاد. وفي موازاة هذا الاتجاه تأتي زيارة المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس إلى بيروت بما يعكس توجهاً أميركياً لمواكبة هذه المرحلة عبر طرح إجراءات ميدانية يجري العمل على إدراجها ضمن آليات التعامل مع الواقع اللبناني.

Advertisement


في هذا السياق تبدو الحركة الأميركية وكأنها تتقدّم على قاعدة الربط بين أي تصعيد إسرائيلي محتمل وبين كيفية إدارة المرحلة داخل لبنان. ومن هنا تُقرأ زيارة اورتاغوس باعتبارها خطوة تهدف إلى مواكبة اللحظة المقبلة كجزء من متابعة هذا المسار باعتبارها امتداداً لتحرّك أميركي أوسع، إذ إنّ المعطيات المتداولة تشير إلى أن اورتاغوس ستطرح ملف تفتيش منازل المدنيين في بعض المناطق سيّما في البقاع، باعتباره جزءاً من خطة ميدانية تسعى واشنطن إلى إدراجها ضمن آليات التعامل مع الوضع الداخلي.

وبحسب مصادر أمنية مطّلعة فإنّ حساسية هذا الطرح تكمن في كونه يتقاطع مع بنية اجتماعية وسياسية تفتح الباب أمام احتمال احتكاك مباشر بين القوى الأمنية والأهالي في حال فُرض تنفيذها، إذ يلامس مباشرة أحد أكثر العناوين حساسية في البيئة اللبنانية لأنّه يتصل بخصوصية البيوت وحدود تدخّل الدولة في داخلها، الامر الذي من شأنه أن يضع الدولة أمام خطر انفجار ميداني يصعب احتواؤه إذا جرى التعاطي مع هذا الطرح باعتباره أمراً مفروضاً خارج أي تفاهم.

وبمعزل عن الحركة الأميركية، تظهر المساعي العربية والدولية التي نشطت في الأسابيع الماضية عاجزة عن إنتاج أي مسار يخفّف من احتمالات التصعيد، إذ اصطدمت العواصم التي حاولت فتح قنوات تفاوضية سريعة بواقع إسرائيلي ثابت كشف محدودية قدرتها على تعديل اتجاه الأحداث. ويتجاوز هذا الفشل حدود الظرف الراهن، لأنه يرتبط بترتيبات أعمق تتعامل من خلالها "تل أبيب" مع الملف اللبناني كجزء من حسابات أمنية محكمة تُقصي أي مساحة لتفاهمات مرحلية، ما يجعل المبادرات الخارجية أقرب إلى محاولة لإدارة الوقت فيما يزداد الضغط على الساحة اللبنانية مع كل إشارة تفيد بأن القرار الإسرائيلي يسير في اتجاه أكثر حدّة.

وفي الداخل يبرز التقرير الذي يستعد الجيش لعرضه في الجلسة الحكومية المقبلة بوصفه محاولة لتحديد الإطار الفعلي لدوره. فالإشارة إلى تنفيذ المهمة جنوب الليطاني ضمن حدود التفويض، مع تثبيت واقع المناطق التي يستمر الاحتلال بالتمركز فيها، تعيد النقاش إلى أساسه، حيث يتقدم العامل الميداني على أي مقاربة تُطرح من خارج هذا الواقع. وبهذا يتحول التقرير، وفق المصادر، إلى عنصر مؤثر في تشكيل المشهد السياسي المقبل لأنه يضع مختلف الأطراف أمام وقائع ميدانية ثابتة تفرض نفسها على أي بحث في ترتيبات جديدة في الجنوب.

وفي الجانب الإسرائيلي يبرز تأجيل محاكمة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو كخطوة تكشف طبيعة المرحلة التي تتداخل فيها الحسابات القضائية مع إدارة الميدان، فكل تأجيل بات يرتبط عملياً بارتفاع مستوى العمليات العسكرية في الخارج. ولعلّ هذا المسار يعيد إلى الواجهة العدوان الذي استهدف مخيم "عين الحلوة"، والذي شكّل نموذجاً واضحاً على الطريقة التي يلجأ من خلالها نتنياهو إلى رفع الضغط كلما ضاق هامشه السياسي، ما يجعل أي تمديد جديد في مسار محاكمته مؤشراً مقلقاً على إمكان دفع المواجهة نحو مستويات أكثر حدّة على الساحة اللبنانية.

انطلاقاً من هذه التطورات تتقدّم ثلاثة سيناريوهات للمرحلة المقبلة، يختلف وزن كل منها تبعاً لحركة الميدان والضغوط السياسية المحيطة بلبنان. وبحسب المصادر، فإنّ السيناريو الأول يقوم على توسّع العمليات الإسرائيلية بعد انتهاء زيارة البابا استناداً إلى التقديرات التي تتحدث عن رغبة "تل أبيب" في فرض إيقاع جديد على الحدود متى اعتبرت اللحظة مناسبة. امّا السيناريو الثاني فيتصل بإبقاء التصعيد ضمن الضربات المحدودة والاغتيالات، وهو مسار يخلق ضغطاً متدرجاً من دون الذهاب إلى مواجهة شاملة، فيما يُمنح لبنان هامشاً ضيقاً يمتد حتى مطلع عام 2026 في سياق ترتيبات تتابعها الإدارة الأميركية عن قرب. والسيناريو الثالث، يرتبط باحتمال أن تُنتج الزيارة البابوية أثراً يحدّ من اندفاعة "تل أبيب"، وهو احتمال ضئيل وفق تقديرات سياسية ترى أن القرار الإسرائيلي محكوم بحسابات ميدانية لا تتأثر بمواقف رمزية أو رسائل معنوية.

في الخلاصة يتعامل لبنان مع مرحلة تتجه نحو مزيد من الضغط الميداني والسياسي، فيما تستعد الأطراف الخارجية لفتح الباب أمام ترتيبات جديدة ترسم شكل الأشهر المقبلة. فالتطورات التي تتزامن مع زيارة اورتاغوس، ومع التوقعات المرتبطة بما بعد الزيارة البابوية، تشير إلى أن البلاد مقبلة على اختبار قاسٍ يرتبط بقرار إسرائيل توسيع عملياتها أو تثبيت مستوى مرتفع من الاستنزاف على الحدود. وهذا المسار يضع الدولة أمام واقع تتحرّك فيه التطورات بسرعة تفوق قدرتها على ضبطها، فيما تُصاغ الخطوط الأساسية للمرحلة المقبلة خارج حدودها وتنعكس مباشرة على تفاصيل المشهد الداخلي.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق