مع اقتراب نهاية العام.. واجه نفسك

لبنان24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
ها نحن في منتصف تشرين الأول، حيث تبدأ الشمس بالانسحاب البطيء، وتتهيّأ الأيام الأخيرة من العام للرحيل بهدوء. يسود في الأجواء شعورٌ لا يوصف، مزيج من الحنين، والندم، والأمل. تمرّ اللحظات كما لو أنها تهمس في أذن كل واحدٍ منا: "هل أنجزت ما كنتَ تنوي؟ هل مضى العام كما رغبت؟ أم أنك أضعت بين فصوله شيئًا من نفسك؟"

Advertisement

نحن لا نحب أن نتوقف كثيرًا عند أنفسنا، فالمحاسبة مُرهقة، والمواجهة موجعة، لكنّها ضرورية. في خضم الانشغال اليومي خلف الواجبات والمواعيد والضغوط، ننسى أن نلتفت إلى الداخل، إلى تلك المساحة التي لا يراها سوانا، والتي وحدها قادرة أن تقول لنا الحقيقة: هل كنّا على الطريق الصحيح؟
إنَّ منتصف تشرين ليس متأخرًا على البدايات، بل هو توقيت مثالي للوقوف وقفة هادئة مع الذات. لحظة صادقة نفتح فيها دفاترنا القديمة، ننظر في الأهداف التي خطّطنا لها بداية العام، ونقيس المسافة بين ما أردنا وما تحقق، لا بقسوة، بل برغبة صادقة في الفهم والتطور.
في هذا السياق، أكد مدرب التنمية البشرية الأستاذ أحمد الخطيب، المتخصص في تطوير الذات والتخطيط الشخصي "أن تقييم الذات هو وقفة مع النفس نُعيد فيها النظر إلى حياتنا من زاوية أوسع. إنه أداة لمحاسبة النفس، ومراجعة ما تم إنجازه أو تأجيله، وما يستحق الاستمرار فيه أو التخلي عنه. من دون هذه الوقفة، قد نستمر في تكرار أخطائنا أو نسلك طرقًا لا تناسبنا. إن نهاية العام فرصة ثمينة لإعادة التوجيه وضبط البوصلة".
وأشار الخطيب الى "أن ينبغي أولًا أن نُعيد تعريف الفشل. الفشل ليس نهاية المطاف، بل هو تجربة تحمل في طيّاتها دروسًا لا تُقدّر بثمن. كثير من الناس يضع أهدافًا مثالية من دون خطة واضحة، وعندما لا تتحقق، يشعر بالإحباط. التقييم الحقيقي لا يعني جلد الذات، بل التعلّم من العثرات، والبدء من جديد بثقة ونضج أكبر".
وأكد "أن هناك أدوات وأساليب متعددة. أبسطها هو استخدام دفتر خاص لتدوين مراجعة نهاية العام، ويمكن تقسيم المراجعة إلى جوانب متعددة مثل: الجانب الشخصي، المهني، العائلي، والصحي، كما توجد تطبيقات إلكترونية. والمهم هو اختيار أداة تُناسب الشخص وتدفعه للاستمرارية في التقييم والتخطيط".
اضاف "أحيانًا، تمرّ بنا أعوام تبدو ساكنة، لكنها تكون فترات نضج داخلي، أو تحوّلات صامتة لا تُقاس بالأرقام. المهم أن تبدأ من جديد، ولو بخطوة صغيرة. لا تنتظر أول كانون الثاني لتبدأ، فكل لحظة جديدة هي فرصة لتغيير المسار. سامح نفسك، وتذكّر أن التأخّر لا يعني الفشل".
مع اقتراب إسدال الستار على عام 2025، آن الأوان لأن نتوقّف قليلًا، ونتأمّل. فالتقييم الذاتي لا يعني فقط حساب المكاسب والخسائر، بل هو عملية وعي وبناء داخلي، تعيدنا إلى ذواتنا، وتمنحنا الشجاعة لنُغيّر ونتطور.
لا تخف من مواجهة نفسك، فهذه المصارحة قد تكون بداية عامٍ جديد أكثر نُضجاً واتزاناً.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق