Advertisement
من الجانب الإسرائيلي، يبدو أن الاستراتيجية الحالية ترتكز على ضرب بُنى تحتية تؤثر مباشرة على حياة الإيرانيين اليومية، مثل محطات الكهرباء وخطوط إمداد الوقود، في محاولة واضحة لتقليب الرأي العام الإيراني ضد النظام. فخلق أزمات داخلية خانقة، من نوع الانقطاع في الكهرباء أو نقص الوقود، يُعدّ ورقة ضغط حساسة لإضعاف الجبهة الداخلية الإيرانية ودفعها باتجاه الاعتراض أو حتى التمرد على القيادة السياسية والعسكرية.
في المقابل، تردّ طهران بنفس المنطق، إذ باتت تُركّز على ضرب أهداف إسرائيلية ذات صلة مباشرة بالحياة اليومية للمدنيين، من أجل رفع الثمن على الداخل الإسرائيلي وإجبار حكومة تل أبيب على التراجع أو الذهاب نحو وقف إطلاق نار مشروط. إيران تدرك جيدًا أن الجبهة الداخلية في إسرائيل، خصوصًا في ظل الأزمات السياسية والانقسامات، ليست بمنأى عن التأثير، وأن الضغط على هذه الجبهة قد يُحدث تصدعات في القرار الإسرائيلي نفسه.
لكن هذا المستوى من التصعيد يحمل في طيّاته مخاطراً كبرى. فالانتقال من حرب محدودة ومضبوطة إلى استهداف شامل للبنية التحتية قد يفتح الباب أمام معركة مفتوحة، تتدحرج بسرعة نحو حرب إقليمية واسعة. فالمعادلة لم تعد مجرد رد ورد مضاد، بل معركة إرادات يُراد لها أن تُحسم عبر استنزاف الداخل.
يبقى السؤال: من يصرخ أولاً؟ لكن في ظل هذا المسار التصعيدي، قد يكون الصراخ جماعياً، وقد لا يبقى أحد في منأى عن نار المواجهة.