مِنْ تحويل الأموال إلى قطع المساعدات.. هذا ما ينتظر لبنان بسبب "القائمة السوداء"

في خطوة تعكس هشاشة الوضع المالي اللبناني وانحداره المستمر في مؤشرات الامتثال الدولي، أعلنت المفوضية الأوروبية، الثلاثاء 10 حزيران، إدراج لبنان ضمن قائمة الدول "عالية المخاطر" في ما يتعلق بغسل الأموال وتمويل الإرهاب. القرار الأوروبي جاء ضمن تحديث دوري للقائمة السوداء، التي شملت أيضاً دولاً مثل الجزائر، ونيبال، وناميبيا، وكوت ديفوار، ولاوس، وفنزويلا، فيما تم رفع أسماء دول أخرى كالإمارات والفلبين وبنما.

Advertisement


ووفق مصدر اقتصادي تحدّث إلى "لبنان24"، فإن إدراج لبنان في هذه القائمة لا يحمل طابعاً رمزياً فحسب، بل يترجم إلى عواقب اقتصادية ومالية مباشرة، بعضها آني، والآخر تراكمي. فالمصدر يشير إلى أن "القرار يعكس تقصيراً واضحاً من السلطات اللبنانية في التعاون بمجال مكافحة التهرب الضريبي وتمويل الإرهاب، ما يؤدي إلى تآكل الثقة الدولية بالمصارف والجهات الرقابية اللبنانية".

من أبرز تداعيات هذا التصنيف أنّه قد يضاعف كلفة تحويل الأموال من لبنان وإليه. فالمصارف الأوروبية والعالمية التي تعتمد ضوابط صارمة للتحقق من مصادر الأموال ومعايير الامتثال، ستتعامل مع لبنان على أنه منطقة مالية رمادية أو سوداء، ما يستدعي تطبيق إجراءات تدقيق إضافية على أي تحويل مالي مرتبط به، وبالتالي تأخير العمليات وزيادة تكلفتها.

بالنسبة للبنوك اللبنانية، فإن القرار يُفاقم عزلتها الدولية، ويحدّ من قدرتها على إنشاء علاقات مراسلة مصرفية جديدة، كما قد يدفع بعض البنوك الدولية إلى إنهاء تعاونها القائم معها، خشية الوقوع تحت طائلة الغرامات التنظيمية الغربية، حسب المصدر.

أبعد من القطاع المصرفي، يؤثر القرار مباشرة على فرص لبنان في الحصول على التمويل والمساعدات، خصوصاً الأوروبية منها. إذ إن الدول والمؤسسات المانحة تخضع لقيود قانونية صارمة تمنعها من تقديم دعم مالي مباشر أو غير مباشر لدول مدرجة على القوائم السوداء، ما يُهدد بإقفال ما تبقى من نوافذ الدعم الخارجي. وعليه، فإن برامج التمويل التي كان يُمكن أن تستفيد منها قطاعات حيوية كالبنية التحتية والطاقة والتعليم، قد تتعرض للتجميد أو التأخير، بانتظار إعادة تقييم التزام لبنان بمعايير الشفافية المالية.

يندرج هذا القرار ضمن سياق دولي أوسع من فقدان الثقة بالمنظومة المالية اللبنانية، التي لم تلتزم بتنفيذ الإصلاحات الموصى بها من قبل مجموعة العمل المالي (FATF) وصندوق النقد الدولي، سواء على مستوى تحديث القوانين المتعلقة بمكافحة غسل الأموال، أو في تطبيق آليات رقابية صارمة على تدفقات الأموال، ولا سيما تلك الآتية من مصادر مجهولة أو مشبوهة.
ويؤكد خبراء أن لبنان لم يستفد من السنوات السابقة التي أُدرج خلالها على "القائمة الرمادية"، بل أضاع فرص المعالجة، في ظل غياب سلطة تنفيذية فعالة، وتأخر إصدار القوانين المطلوبة أو تفعيلها، ومن ضمنها قانون السرية المصرفية، وإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وتعزيز استقلالية هيئة التحقيق الخاصة.

بين العزلة والعقوبات الناعمة
ما يواجهه لبنان اليوم قد لا يكون عقوبات اقتصادية مباشرة، لكنه يدخل ضمن ما يُعرف بـ"العقوبات الناعمة"، أي تلك التي تُفرض بفعل تقارير التصنيفات الدولية وتؤثر بشكل غير مباشر في الاقتصاد. فمع كل قرار مماثل، تتعمق عزلة البلاد المالية، وتتقلص قدرة مؤسساتها على الانخراط في النظام المالي العالمي، ما يضرب أي مسار محتمل للتعافي الاقتصادي. ويحذر المصدر الاقتصادي في هذا السياق، من أن "المرحلة المقبلة قد تشهد خروج مزيد من المؤسسات المالية الأجنبية من لبنان، ورفض متزايد لاستقبال التحويلات من المغتربين، ما يهدد أحد أهم شرايين السيولة في البلاد".

في ظل هذا التطور، بات من الضروري أن تعترف الدولة اللبنانية بأن الأزمة لم تعد محصورة في الداخل، بل أصبحت أزمة ثقة دولية. فالتعامل مع قرار المفوضية الأوروبية يتطلب ما هو أكثر من التبرير أو الرفض السياسي، بل يحتاج إلى خطة طوارئ تشريعية وتنفيذية لإعادة تأهيل المنظومة المالية، واستعادة ثقة المجتمع الدولي، قبل أن تتكرّس عزلة لبنان كمحطة مالية خطرة في أعين العالم. ويختم المصدر بالقول، متوجهًا للدولة:" خلصنا شعارات".

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق بشأن "اليونيفيل".. هذا ما تقرر بين "حزب الله" و "حركة أمل"
التالى عون الى العراق اليوم وعراقجي في بيروت الاثنين ولبنان ينتظر ما في جعبة أورتاغوس