شهد قطاع غزة، أمس الخميس، تصعيدًا إسرائيليًا جديدًا تمثل في خروقات متجددة لاتفاق وقف إطلاق النار، حيث واصل الجيش الإسرائيلي شن غارات جوية وقصفًا مدفعيًا مكثفًا، إلى جانب تدمير مربعات سكنية كاملة، في وقت تتفاقم فيه الأوضاع الإنسانية بصورة خطيرة.
وتزامن التصعيد العسكري مع تحذيرات أممية متزايدة، إذ أعلنت الأمم المتحدة أن نحو 55 ألف عائلة في قطاع غزة تضررت من الأمطار الغزيرة والعواصف الأخيرة، بينما أكدت أن القيود الإسرائيلية المستمرة تعرّض العمليات الإنسانية لخطر حقيقي. كما حذرت الأمم المتحدة وأكثر من 200 منظمة إغاثية من أن العراقيل التي تفرضها إسرائيل، بما في ذلك منع منظمات إنسانية من دخول القطاع، تهدد بانهيار العمل الإغاثي. في المقابل، دعت حركة «حماس» الولايات المتحدة والوسطاء إلى التدخل لضمان تنفيذ الاتفاق ووقف الانتهاكات الإسرائيلية.
ميدانيًا، شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية سلسلة غارات على المناطق الشرقية لمدينة خان يونس جنوب القطاع، بالتزامن مع إطلاق نار من المروحيات العسكرية. كما تعرضت مناطق تمركز الجيش الإسرائيلي شرق رفح وخان يونس لقصف متواصل، إضافة إلى قصف مدفعي استهدف شرق مدينة غزة ومنطقة السودانية شمال غرب المدينة. وفي عرض البحر قبالة سواحل خان يونس ورفح، أطلقت الزوارق الحربية الإسرائيلية قذائف عدة. كذلك كثفت القوات الإسرائيلية نيرانها شرق منطقة جحر الديك وسط القطاع.
وفجر أمس، دوى انفجار عنيف في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، إثر قيام الجيش الإسرائيلي بتفجير مربع سكني كامل. وفي حادثة لافتة، تسلل مستوطنون إسرائيليون إلى داخل قطاع غزة في محاولة لرفع العلم الإسرائيلي، قبل أن يتدخل الجيش ويخرجهم من المنطقة، في واقعة هي الثانية من نوعها خلال شهر ديسمبر الجاري.
من جهتها، أعلنت وزارة الصحة في غزة وصول قتيل واحد و13 مصابًا إلى مستشفيات القطاع خلال الساعات الماضية نتيجة العدوان المستمر، مشيرة إلى ارتفاع عدد الوفيات الناجمة عن البرد إلى 13 حالة. وقال مدير مجمع الشفاء الطبي إن القطاع يعاني نقصًا حادًا في وسائل التدفئة، مطالبًا بإدخال كرفانات ووسائل تدفئة آمنة بشكل عاجل لمواجهة موجة البرد القاسية، كاشفًا في الوقت نفسه أن نحو 55% من الأدوية الأساسية غير متوافرة في المرافق الصحية.
وفي نيويورك، قال نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، إن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) يقدّر أن عشرات الآلاف من العائلات في مختلف أنحاء غزة تضررت من العاصفة الأخيرة، حيث دُمرت أو تضررت أماكن إيوائها وممتلكاتها. وحذر من أن القيود الإسرائيلية المتواصلة تعيق بشكل كبير قدرة منظمات الإغاثة على توسيع تدخلها الإنساني في القطاع.
وفي بيان مشترك، أكدت الأمم المتحدة وأكثر من 200 منظمة إغاثية محلية ودولية أن العمليات الإنسانية في الأراضي الفلسطينية، ولا سيما في غزة، مهددة بالانهيار إذا لم تُرفع العراقيل الإسرائيلية، بما في ذلك إجراءات تسجيل وصفتها بأنها تعسفية ومسيّسة. وأوضح البيان أن عشرات المنظمات الدولية مهددة بإلغاء تسجيلها بحلول 31 ديسمبر، ما سيجبرها على إغلاق عملياتها خلال 60 يومًا، محذرًا من أن ذلك سيؤدي إلى تداعيات كارثية على توفير الخدمات الأساسية.
كما ندد مسؤولون في منظمات إنسانية دولية بمحاولات إسرائيل فرض ما وصفوه بـ«السيطرة السياسية» على العمل الإغاثي في غزة، خصوصًا بعد منع 14 منظمة إنسانية من دخول القطاع، في خطوة عززت المخاوف بشأن القيود الإسرائيلية الجديدة الصارمة.
من جانبها، دعت حركة «حماس» الإدارة الأمريكية والوسطاء الضامنين لاتفاق وقف إطلاق النار إلى التحرك الفوري لحمايته، ووقف الخروقات الإسرائيلية المتكررة، وضمان التزام إسرائيل بالجوانب الإنسانية والإغاثية. وأكدت الحركة أن التحذيرات الصادرة عن الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية تستوجب تحركًا دوليًا جادًا لوقف السياسات الإسرائيلية، وتأمين الإغاثة العاجلة لسكان غزة في ظل الكارثة الإنسانية المتفاقمة.


















0 تعليق