تحولت مدرسة أبوعطوة الثانوية التجارية بمحافظة الإسماعيلية إلى مشهدٍ إنساني بليغ، اختلطت فيه قيم الواجب الوطني بروح الرحمة، وكانت بطلتاه سيدة مُسنة لم يُثنها كِبر السن عن المشاركة، وقاضية جسّدت معنى العدالة حين انحازت للإنسان قبل الإجراءات.
الحاجة فوزية زكي بيومي، امرأة تجاوزت سنوات العمر ثقله، حضرت إلى مقر لجنتها الانتخابية مستندة إلى عكازها، تتكئ عليه كما تتكئ على إصرارٍ لا يلين.
ورغم آلام الحركة وصعوبة صعود السلالم، أصرت على أن يكون لها صوت، معتبرة أن المشاركة في الاستحقاق الانتخابي واجب لا يسقط بالتعب ولا تُلغيه المشقة، وصلت برفقة بناتها، ووقفت أمام الدرج في صمتٍ يحمل الكثير من المعاني، كأنها تقول إن العوائق لا تُقاس بالخطوات، بل بالإرادة.
خرجت المستشارة أمل فراج محمد، رئيسة اللجنة، من إطارها الرسمي، ونزلت من منصتها إلى فناء المدرسة، حاملة أوراق الاقتراع وصندوقًا فرعيًا، لتُمكّن الحاجة فوزية من الإدلاء بصوتها، لم يكن المشهد عابرًا، بل لوحة وفاء واحترام، صفق لها الحاضرون قبل أن تُسجّل في ذاكرة المكان.
المستشارة أمل فراج لم تعتبر ما قامت به فضلًا، بل واجبًا أصيلًا، مؤكدة أن التيسير على كبار السن جوهر العملية الانتخابية، وأن العدالة الحقيقية لا تكتمل إلا حين تصل إلى الجميع دون عناء أو تمييز. كلماتها جاءت بسيطة، لكن فعلها كان أبلغ من أي خطاب.
أما الحاجة فوزية، فبدت الدموع في عينيها وهي تعبّر عن امتنانها، قائلة إنها حضرت لترد الجميل لوطنها، وإن ما وجدته من تقدير واحترام جعلها تشعر بأن الدولة لا تنسى أبناءها، خاصة كبار السن الذين أفنوا أعمارهم في العطاء.
المشهد كله حمل رسالة واضحة، مفادها أن المواطنة ليست عمرًا ولا صحة، بل إحساس بالمسؤولية، وأن الإنسانية حين تتقدّم الصفوف تُنجح أي استحقاق.
خرجت الحاجة فوزية بعد أن أدلت بصوتها، مستندة إلى عكازها، لكنها في الحقيقة كانت تستند إلى وطنٍ احتضنها، وإلى قيمةٍ أثبتت أن الحب الصادق أقوى من التعب، وأن المشاركة فعل كرامة قبل أن تكون إجراء.
وانطلقت اليوم الخميس عملية التصويت في الداخل لليوم الثاني على التوالي لانتخابات جولة الإعادة في انتخابات المرحلة الثانية لمجلس النواب.















0 تعليق