ناقشت الجلسة الرابعة لمؤتمر الأهرام التاسع للطاقة قضية التعليم والطاقة والتنمية المستدامة، وتناول المشاركون دور الجامعات ومراكز البحث العلمي في تطوير قطاع الطاقة وربطه بمستقبل التنمية المستدامة.
في البداية، قال الدكتور حافظ السلماوي، أستاذ هندسة الطاقة بجامعة الزقازيق والرئيس التنفيذي الأسبق لجهاز تنظيم الكهرباء في مصر، الذى أدار الجلسة، إن الطاقة تعتبر من أهم عناصر الحياة، وأضاف: "إذا كان يؤرخ للثورة الصناعية باختراع الآلة البخارية، فما كان يمكن اختراع تلك الآلة دون وجود الطاقة اللازمة لتحويل المياه إلى بخار. وقد كان لتلك الآلة من الأثر لدرجة أن استخدم اسمها، وهو Engine، ومن يعملون في هذا المجال وهم المهندسون أو Engineers.
وتابع: "بدأ الإنسان بمصادر الطاقة الطبيعية مثل الأخشاب والحطب والطاقة المتجددة في صورتها الأولية مثل أشعة الشمس لتجفيف وحفظ المنتجات الزراعية وإنتاج الملح لحفظ الطعام، والرياح في دفع السفن، مرورًا بعصر الطاقة الكثيفة بعد استخدام الفحم ثم البترول والغاز، ثم طاقة الانشطار النووي، والعودة مرة أخرى للطاقة المتجددة."
وأشار إلى أن الجامعات ومراكز البحث لم تكن بعيدة عن هذه التطورات، وأن غالبية هذه التكنولوجيات تم التوصل إليها قبل ظهور نظم التعليم والبحث الجامعية الحديثة. "ولكن ما كان ممكنًا أن يتم تطوير تلك النظم دون البحوث المنهجية والعلمية الرصينة بالجامعات والمعاهد العلمية، وما كان من الممكن توفير العاملين في تلك المجالات دون الاعتماد على الخريجين من تلك المؤسسات العلمية."
وأضاف: "علاقة الجامعات بالطاقة لا تقتصر على الجانب الفني فقط، بل تمتد إلى الجانب الاقتصادي الخاص باقتصاديات وأسواق الطاقة، والجانب المعلوماتي الخاص بنظم الطاقة الذكية، والجانب القانوني الذي يشمل تشريعات وعقود وتنظيم الطاقة، وكذلك النواحي السياسية والاستراتيجية والتعاون الدولي وحتى الصراعات الدولية، وتمتد لتصل إلى النواحي الاجتماعية مثل دعم الطاقة والأثر الاجتماعي على المجتمعات مع زيادة إمكانية الوصول للطاقة وأثر ذلك على معايير المساواة والعدالة الاجتماعية".
إعداد المناهج المناسبة
وأكد أن دور الجامعات يشمل إعداد المناهج المناسبة والحديثة التي تؤهل الخريجين للعمل في مجال الطاقة، وإجراء البحوث الأكاديمية التي تستشرف المستقبل وتطور وسائل جديدة، والبحوث التطبيقية من خلال مراكز البحوث والمراكز الاستشارية التي تحل المشكلات الحالية، والإعداد لما بعد التخرج المتمثل في الدبلومات والدرجات المهنية والدورات التدريبية، وكذلك المؤتمرات والندوات وورش العمل المختلفة.
ولم تكن الجامعات المصرية بعيدة عن هذا منذ نشأتها في بدايات القرن العشرين، حتى وصل عددها حاليًا إلى 116 جامعة، شاملاً الحكومية والخاصة والأهلية والتكنولوجية والأجنبية، بما يعادل جامعة لكل مليون مواطن.
التزام بمعايير مراجعة المناهج
أكد الدكتور باسم شتا، وكيل كلية الهندسة لشئون التعليم والطلاب بجامعة الأهرام الكندية، سعادته بالمشاركة في النسخة التاسعة لمؤتمر الأهرام للطاقة، مؤكدًا التزام الجامعة بالمعايير الدقيقة في مراجعة المناهج الدراسية وعدد الساعات المعتمدة لضمان جودة التعليم.
وأوضح شتا أن كلية الهندسة بالجامعة تقدم مجموعة متنوعة من التخصصات مثل هندسة الكهرباء وهندسة التشييد والبناء، مشيرًا إلى أن الطلاب يدرسون 36 ساعة في السنة الأولى لتزويدهم بالمعرفة الأساسية والمهارات اللازمة.
وأشار إلى أن الجامعة تحرص على تأهيل الطلاب لسوق العمل، مشيدًا بالتطور الكبير الذي حققته كلية الهندسة في السنوات الأخيرة، لا سيما مع موقعها داخل المنطقة الصناعية في أكتوبر، ما يمنح الطلاب ميزة تنافسية من خلال الزيارات العملية والجولات الميدانية.
وأكد شتا أن الدولة تولي اهتمامًا بالغًا بقطاع الطاقة الجديدة والمتجددة، مشيرًا إلى أن الجامعة تهدف إلى تخريج كوادر قادرة على إحداث فرق ملموس في السوق المحلي والعالمي، وأن جامعة الأهرام الكندية ملتزمة بتوفير بيئة تعليمية متقدمة تؤهل الطلاب ليكونوا محترفين متميزين في مجالاتهم الهندسية، مساهمين في تطوير الصناعة والطاقة في مصر.
مشروعات بحثية وعملية في مجالات الطاقة
الدكتور حمدي أبوعلي، أستاذ ورئيس قسم الهندسة البيئية بالجامعة المصرية اليابانية، قال إن الجامعة تمثل قصة نجاح للقيادة السياسية في مصر، مشيرًا إلى أن قرار إنشائها جاء كجامعة حكومية ذات طابع خاص تدار بشراكة حقيقية بين مصر واليابان، وتشمل إدارتها كبار الأكاديميين والصناعيين من البلدين.
وأوضح أن الجامعة تضم نحو 100 طالب ماجستير ودكتوراه، وتلعب دورًا مهمًا في القارة الإفريقية، ليس فقط من خلال التعليم، بل أيضًا عبر مشروعات بحثية وعملية في مجالات الطاقة والمياه والاستدامة.
وأشار إلى أن الجامعة تضم قسما للطاقة يهتم بمشروعات شراكة بين مصر واليابان وإفريقيا، وذلك عبر مشروع الهيدروجين الأخضر بالتعاون مع اليابان وإفريقيا لتقديم الخبرات للصناعة.
وأضاف أن الجامعة تقدم خبراتها أيضًا في مجال المياه لتحقيق الاستدامة، مع التركيز على التعاون مع الدول الإفريقية، وليس مع اليابان فقط، في مجالات الطاقة والمياه والبيئة.
وأكد أن الجامعة تعد منشأة حكومية ذات طابع خاص تهدف إلى تنفيذ أهداف مصر من خلال شراكة مصرية يابانية في التعليم والبحث العلمي، مع تركيز واضح على الطاقة المتجددة والمياه والاستدامة في المجتمعات الإفريقية، وتدار بإشراف فريق إداري متكامل يتألف من مصريين ويابانيين كبار، بحيث يشمل الهيكل الإداري الرئيس ونائب الرئيس من كلا البلدين لضمان اتخاذ القرارات بشكل متوازن، ويتكون مجلس الجامعة من عشرة مصريين وعشرة يابانيين يمثلون كبار الأكاديميين والصناعيين، مما يجعل اتخاذ القرار مشتركًا بين البلدين.
وأكد أبوعلي أن الجامعة تطبق التعليم الياباني في مصر من خلال إشراف أكاديمي ياباني على المناهج، مع وجود أساتذة مصريين لضمان تكامل الخبرة والمعرفة، مضيفًا أن الجامعة ليست مجرد مؤسسة تعليمية فقط، بل منصة لنقل التكنولوجيا والخبرات العلمية في مجالات الطاقة والهيدروجين الأخضر والمياه، بما يحقق أثرًا إيجابيًا على الصناعة والمجتمعات الإفريقية، وأنها تواصل تطوير شراكاتها لتوسيع التعاون مع دول إفريقيا، وتقديم حلول مستدامة في الطاقة والمياه بما يضمن تحقيق الاستدامة ودعم التنمية في مصر وأفريقيا على المدى الطويل.
وتابع أبوعلي أن هناك علاقة وطيدة بين البيئة والطاقة، ولمواجهة التحديات يجب التغلب على الطاقة المهدرة قبل إنتاج أي طاقة جديدة، مؤكدًا أن الطاقة النظيفة ليست مكلفة كما يشيع البعض، وذلك بالنظر إلى النتائج المترتبة على تفعيلها.
مسارات تعليمية لتلبية متطلبات السوق
من جانبه، أعرب عمرو مجدي، مدير مركز التميز للطاقة بكلية الهندسة – جامعة عين شمس، عن سعادته بالمشاركة في النسخة التاسعة لمؤتمر الأهرام للطاقة، مؤكدًا أهمية هذا الحدث في دعم الحوار بين المؤسسات الأكاديمية وقطاعات الصناعة والطاقة.
وأوضح مجدي أن جامعة عين شمس تولي اهتمامًا كبيرًا بتطوير المناهج الدراسية بما يتماشى مع المتغيرات المتسارعة في سوق العمل، مشيرًا إلى أن متطلبات السوق أصبحت تستلزم توافر مهارات ومسارات تعليمية حديثة تحرص الجامعة على توفيرها للطلاب.
وأكد أن امتلاك الطلاب للمعرفة العلمية والعملية يُعد عنصرًا أساسيًا في عملية التأهيل، لافتًا إلى أن مركز التميز للطاقة يركز بشكل خاص على الجانب التحليلي للمناهج، إلى جانب متابعة كل ما هو جديد في سوق العمل والتكنولوجيا الحديثة.
وأشار إلى أن الحوافز تمثل جزءًا مهمًا من منظومة التطوير، موضحًا أن جانبًا كبيرًا منها يعتمد على التكنولوجيا والابتكار، بما يسهم في تحفيز الطلاب ورفع كفاءتهم، وأضاف أن الجامعة تحرص على تأهيل الطلاب للعمل بكفاءة عالية في سوق العمل، من خلال مجموعة من الأنشطة والبرامج التدريبية التي تسهم في تنمية مهاراتهم الفنية والشخصية، وتعزيز قدرتهم على المنافسة في مختلف قطاعات الطاقة والهندسة، مؤكداً أن جامعة عين شمس بدورها الأكاديمي والمجتمعي في إعداد كوادر مؤهلة قادرة على مواكبة التطور ودعم قطاع الطاقة في مصر.
شراكة الجامعات والقطاع الصناعي ضرورية
الدكتور حسن رشاد عمارة، رئيس قسم القوى الكهربية بكلية الهندسة جامعة القاهرة، أشار إلى أن الجامعة في البداية تبنت وجهة نظر شركات الإنتاج والتوزيع دون النظر للمستهلك، ثم بعد تطور تكنولوجيات الاتصال ظهر اتجاه جديد لإدخال المستخدم في معادلة الطاقة مع استمرارية جودة الشبكة، وذلك ضمن الاتجاهات البحثية بالجامعة منذ عام 2006 من خلال دبلومة مع وزارة الكهرباء.
وأكد أن هذا يؤكد أهمية الشراكة بين الجامعات والقطاع الصناعي لحل مشاكل هذا القطاع، من خلال تطوير المناهج خاصة للشبكات الذكية ودراسة تكامل المستهلك في معادلة الطاقة والتنمية المستدامة، كما تم عمل هذا الكورس وتم تدريسه ثلاث مرات للشركات التكنولوجية، بما يسمح بأن 89% لديهم الخلفية العلمية التي يمكن استثمارها في التطورات التشغيلية لشركات الكهرباء، وتوصيل هذه الأفكار حتى الطلاب في مرحلة البكالوريوس.
وضرب مثلًا بمشروع Demand Response، وهو جهاز يتحكم في الزيادة الكهربائية للأحمال بحيث يتيح للشبكة فرصة المناورة في تقليل الأحمال غير المهمة عند كل مستخدم إذا حدثت مشكلة في الشبكة، موضحًا أن الجهاز يعمل وفق سياسات التسعير بحيث يكون هناك حافز للمستهلك للمشاركة، وأحيانًا يُنظر إلى هذه الفكرة خارج مصر على أنها توفير بسيط للطاقة، لكنها تساهم في تغطية احتياجات إضافية وحل بعض المشاكل العابرة في السوق.
وأكد أن هذه الفكرة نقطة مهمة تساعد على تحقيق التعامل بين القطاع الصناعي والقطاع الخاص لحل المشاكل المتوقعة مع زيادة نسبة الطاقة المتجددة في الشبكة، وتأثير هذه الزيادة على استقرارها.








0 تعليق