واصلت أسعار الذهب تسجيل قفزات تاريخية غير مسبوقة، لتؤكد مجددًا مكانته كأقوى ملاذ آمن في أوقات الاضطراب الاقتصادي والتوترات الجيوسياسية، وسط تحولات كبرى في السياسات النقدية العالمية وتزايد مخاوف المستثمرين من تباطؤ النمو وارتفاع المخاطر.
السعر العالمي.. أرقام قياسية ودعم استثنائي
على الصعيد العالمي، واصلت أوقية الذهب صعودها القوي، لترتفع بنحو 100 دولار خلال أسبوع واحد فقط، مسجلة مستوى يقارب 4299 دولارًا، في إطار موجة صعود ممتدة منذ بداية العام. وبذلك تكون الأوقية قد أضافت نحو 1675 دولارًا إلى قيمتها، محققة نموًا سنويًا يقترب من 64%، مع تسجيل ما يقرب من 50 مستوى قياسيًا جديدًا، في أفضل أداء سنوي للمعدن النفيس منذ عام 1979.
ولا يقتصر المشهد الاستثنائي على الذهب وحده، إذ حققت الفضة مكاسب أكثر حدة، مسجلة قفزة سنوية بنحو 115%، لتتداول قرب مستويات تاريخية، رغم تراجعها الأخير عن أعلى مستوياتها.
لماذا يصعد الذهب بهذه القوة؟
يحصل الذهب على دعم قوي من مجموعة من العوامل المتداخلة، في مقدمتها التوقعات المتزايدة باتجاه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لخفض أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة، وهو ما يؤدي إلى تراجع العوائد الحقيقية على السندات، ويعزز جاذبية الذهب كأصل لا يدر عائدًا لكنه يحافظ على القيمة.
كما تلعب حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي وتصاعد التوترات الجيوسياسية، خاصة تعثر محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا، دورًا محوريًا في دفع المستثمرين نحو الذهب كأداة تحوط استراتيجية ضد المخاطر، في ظل مخاوف من تباطؤ النمو العالمي.
وفي هذا السياق، أكد بنك «جولدمان ساكس» أن الذهب يمثل أفضل توصية استثمارية طويلة الأجل في قطاع السلع، متوقعًا إمكانية تجاوز الأسعار مستهدفاته الحالية البالغة 4900 دولار للأوقية بنهاية عام 2026، مدعومة بالزيادة الهيكلية في مشتريات البنوك المركزية وتراجع مستويات تمركز المستثمرين.
السوق المحلية.. قفزات قوية وارتفاعات سريعة
محليًا، انعكست الموجة العالمية بقوة على أسعار الذهب في السوق المصرية، حيث سجل جرام الذهب عيار 21 ارتفاعًا حادًا بنحو 130 جنيهًا خلال أسبوع واحد فقط، ليغلق عند مستوى 5745 جنيهًا، في واحدة من أسرع موجات الصعود خلال الفترة الأخيرة.
ومنذ بداية العام، ارتفعت أسعار الذهب محليًا بنحو 2005 جنيهات، محققة زيادة تجاوزت 54%، مدفوعة بالصعود العالمي الحاد للأوقية، إلى جانب استمرار الطلب المرتفع على الذهب كملاذ آمن في ظل التحديات الاقتصادية.
توقعات جريئة.. إلى أين تتجه الأسعار؟
وتشير التقديرات إلى أن أسعار الذهب لا تزال مرشحة لمزيد من الصعود، مع توقعات بوصول الأوقية إلى مستوى 5000 دولار خلال العام المقبل، في حال استمرار التوترات العالمية واتساع دائرة خفض الفائدة الأمريكية. كما تتراوح التوقعات لأسعار الفضة بين 75 و80 دولارًا للأوقية، مع سيناريوهات أكثر تفاؤلًا قد تدفعها إلى مستوى 100 دولار.
ويرى مراقبون أن العالم يشهد تحولًا هيكليًا في تدفقات رؤوس الأموال لصالح الذهب، ليصبح ليس فقط ملاذًا آمنًا، بل أحد أهم محركات الاستثمار خلال المرحلة المقبلة.














0 تعليق