في تطور عسكري لافت يزيد من سخونة المشهد في منطقة الهندي–الهادئ، حلّقت قاذفات أمريكية استراتيجية بعيدة المدى قادرة على حمل رؤوس نووية فوق بحر اليابان، في خطوة جاءت كرد مباشر ورسالة ردع قوية عقب المناورات الجوية والبحرية المشتركة التي أجرتها الصين وروسيا خلال الأيام الماضية قرب اليابان. التحرك الأمريكي – الذي شاركت فيه مقاتلات يابانية بشكل رسمي – يعكس مستوى التنسيق غير المسبوق بين واشنطن وطوكيو في ظل تصاعد المنافسة العسكرية مع بكين وموسكو.
وبحسب مصادر دفاعية، فإن القاذفات التي شاركت في التحليق هي من طراز B-52 أو B-1، وهما من أكثر الطائرات القاذفة تطورًا ضمن الترسانة النووية الأمريكية. ويُعد ظهور هذه القاذفات في مناطق التوتر من أقوى رسائل الردع الإستراتيجي التي تعتمد عليها واشنطن لإظهار جاهزيتها واستعدادها للرد على أي تهديدات محتملة لأمن حلفائها.
تنسيق أمريكي–ياباني كامل على خط المواجهة
وأكدت المصادر أن مقاتلات تابعة لقوات الدفاع الذاتي الجوية اليابانية قامت بمرافقة القاذفات خلال جزء أساسي من مسار الطيران، في مشهد يعكس ليس فقط التعاون العسكري، بل أيضًا التأهب المشترك لمواجهة أي تصعيد قد تسببه التحركات الصينية الروسية. هذا النوع من المرافقة الجوية يؤكد زيادة مستوى ثقة واشنطن في قدرة طوكيو على إدارة عمليات عسكرية معقدة ضمن المجال الجوي المهدد.
وتعتبر الولايات المتحدة أن المناورات الصينية–الروسية الأخيرة لم تكن مجرد تدريبات روتينية، بل استعراضًا للقوة واختبارًا مباشرًا لمدى جاهزية التحالف الأمريكي في المنطقة، خاصة وأن هذه المناورات شملت دخول طائرات مقاتلة وسفن حربية إلى مناطق قريبة من المجال الجوي الياباني، وهو ما أثار قلقًا واسعًا داخل الدوائر الأمنية في طوكيو وواشنطن.
منطقة الهندي–الهادئ على صفيح ساخن
يأتي هذا التحرك في الوقت الذي تشهد فيه منطقة الهندي–الهادئ توترًا متزايدًا بسبب التحركات الصينية في بحر الصين الشرقي والجنوبي، إضافة إلى تنسيق عسكري روسي–صيني متكرر قرب اليابان وكوريا الجنوبية. وترى واشنطن أن هذه الأنشطة تهدف إلى فرض واقع جديد في المناطق المتنازع عليها، بينما تسعى الصين لإثبات حضور أكبر أمام النفوذ العسكري الأمريكي.
وفي مقابل ذلك، تواصل اليابان تعزيز قدراتها الدفاعية، إذ أعلنت خلال العامين الماضيين خططًا لرفع الإنفاق العسكري وتطوير منظومات دفاع صاروخي وقدرات هجومية بعيدة المدى، في إطار إستراتيجية أمنية جديدة تعتبر الصين التهديد الأكبر للاستقرار الإقليمي.
رسالة ردع واضحة
ووفق المحللين، فإن طلعات القاذفات النووية فوق بحر اليابان تهدف إلى إرسال رسالة مزدوجة:
تطمين الحلفاء بأن الولايات المتحدة لن تسمح بتغيير موازين القوى في المنطقة بالقوة.
تحذير بكين وموسكو بأن واشنطن مستعدة للرد على أي محاولة لتهديد المجال الجوي الياباني أو مصالحها وحلفائها.
ويتوقع خبراء الأمن الدولي أن تشهد الأسابيع المقبلة مزيدًا من التحركات العسكرية المتبادلة، في ظل استمرار التوتر بين القوى الكبرى وتنافسها على النفوذ في واحدة من أكثر مناطق العالم حساسية.
















0 تعليق