سلطت صحيفة «واشنطن إجزامنير»، الأمريكية، الضوء على القرار التنفيذى الذى وقعه الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، الأسبوع الماضى، والذى يهدف إلى الشروع فى عملية تصنيف عدد من فروع جماعة الإخوان كمنظمات إرهابية.
وأشارت الصحفية إلى أن قرار ترامب ركز على فروع الجماعة فى لبنان والأردن ومصر، منوهة بأن تجاهله اللافت للدول التى تحتضن الجماعة أثار تساؤلات واسعة، باعتبار هذه الدول من أبرز الجهات الداعمة للجماعة سياسيًا وماليًا وتنظيميًا.
ونقلت عن خبراء قولهم إن التجاهل يتناقض مع طبيعة تنظيم الإخوان وتشابكاته الإقليمية، معتبرين أن استبعاد الدول الأكثر دعمًا للجماعة يشبه «محاولة حظر المطبخ الإيطالى دون المساس بالأطعمة الأساسية أو مكوناته الرئيسية».
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن أكبر ممولى الجماعة فى الشرق الأوسط لا يختلفون كثيرًا عن ممولى تنظيم «القاعدة»، وأن الفارق بينهما ليس فى الرؤية، وإنما فى الأساليب ووسائل تنفيذ الأجندة الفكرية ذاتها، لافتة إلى أن أسامة بن لادن، زعيم «القاعدة»، فضل حياة المخابئ والجبال، بينما فضل آخرون استخدام أدوات القوة الناعمة الفاخرة، وتمويل من ينفذ الأجندة من خارج الدائرة الرسمية.
ونوهت بأن بعض الدول فى الشرق الأوسط توفر الملاذ الآمن لقيادات الجماعة المطلوبين فى مصر والسعودية والإمارات.
وذكرت الصحيفة الأمريكية أن قادة أوروبيين يخشون من نفوذ أذرع الجماعة داخل الجاليات العربية والمسلمة فى بعض الدول الأوروبية، وعلى رأسها ألمانيا، حيث تخضع معظم الجاليات لتوجهات الإخوان منذ ستينيات القرن الماضى.
وأضافت أن المحللين يرون أن تركيز إدارة ترامب على فرع الجماعة فى لبنان يعد خطوة فى الاتجاه الصحيح، إلا أنه لا يعالج جذور المشكلة، فبينما ينصب تركيز الغرب عادة على «حزب الله» فى جنوب لبنان، فإن الجماعات السنية المتشددة تشكل تهديدًا أكبر فى طرابلس ومناطق عكار شمال البلاد.
وتابعت: «يمتد الجدل إلى الساحة اليمنية، حيث تعمل وزارة الخارجية الأمريكية مع حزب (الإصلاح)، الذراع اليمنية لجماعة الإخوان، فى سياق تركة سياسات الإدارة الأمريكية السابقة».
ونقلت أيضًا عن خبراء قولهم إن قرار ترامب بتصنيف بعض فروع الإخوان تصنيفًا إرهابيًا يعد خطوة إيجابية على المستوى النظرى، لكنه يكشف فى الوقت ذاته عن ارتباك واضح فى الموقف الأمريكى، سواء فى البيت الأبيض أو وزارة الخارجية، نتيجة تجاهل الجهات الأكثر تأثيرًا فى دعم الجماعة، إضافة إلى التغاضى عن أخطر أذرعها فى مناطق أخرى.
وأشاروا إلى أن معالجة ملف الإخوان تتطلب رؤية شاملة تستند إلى فحص البنية الكاملة لشبكة الجماعة ومصادر تمويلها وأذرعها الإقليمية، بدلًا من تبنى مقاربة مجزأة قد تفقد القرار قيمته وتأثيره الحقيقيين.
وفى الإطار نفسه، اعتبرت صحيفة «لا ديبيش» الفرنسية أن القرار التنفيذى للرئيس الأمريكى بشأن جماعة الإخوان ومحاولة تصنيفهم كمنظمة إرهابية، يهدف إلى مواجهة النفوذ الإقليمى للجماعة، والتصدى لما وصفته الإدارة الأمريكية بتشجيع ودعم أعمال العنف، لافتة إلى أنه قد يؤدى إلى فرض عقوبات شديدة على الجماعة ذات التأثير الكبير فى العالم العربى.
وأشارت إلى نص القرار الصادر عن البيت الأبيض، الذى بيّن أن بعض فروع الإخوان فى لبنان والأردن ومصر تمارس أو تشجع أعمال عنف واضطراب تهدد استقرار مناطقها، وتشكل تهديدًا مباشرًا للمواطنين الأمريكيين والمصالح الأمريكية، موضحًا أن هذه الفصائل تقدم دعمًا ماديًا، أو تشجع الهجمات المسلحة ضد شركاء الولايات المتحدة.
ولفتت الصحيفة الفرنسية إلى أن مسئولية تنفيذ القرار تعود إلى وزارة الخارجية الأمريكية برئاسة ماركو روبيو، ووزارة المالية برئاسة سكوت بيسنت، اللتين ستعملان على تطبيق التدابير المالية والإدارية المرتبطة بالتصنيف، بما يشمل تجميد الأصول، وحظر المعاملات، ومنع دخول الأفراد المرتبطين بهذه الجماعات إلى الأراضى الأمريكية.
وأضافت: «تأتى هذه الخطوة فى سياق مطالب طويلة من الجمهوريين وقيادات اليمين الأمريكى لتصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية، وكان ترامب قد أبدى توجهات مماثلة خلال ولايته الأولى، وعلى المستوى المحلى، سبق لحاكم ولاية تكساس جريج أبوت أن طبق هذا التصنيف داخل ولايته فى الثامن عشر من نوفمبر ٢٠٢٥».
من ناحيتها، قالت صحيفة «موندأفريك» الفرنسية إن الولايات المتحدة أصبحت ترى فى جماعة الإخوان المصدر الرئيسى لكل أشكال الإرهاب المعاصر على الصعيد العالمى، مع العمل فى بعض الأحيان من خلال العنف المباشر، وفى أحيان أخرى من خلال ما يُعرف بتقويض المؤسسات الرسمية.
وأشارت إلى أن قرار ترامب بشأن مسألة تصنيف عدد من فروع جماعة الإخوان كمنظمات إرهابية شمل بشكل صريح الفروع المصرية والأردنية واللبنانية، لافتة إلى أن الفروع الأمريكية للجماعة تبدو أيضًا تحت المراقبة والمتابعة.
وتوقعت صحيفة «موندأفريك» أن تتضح مدى قوة الإجراءات الأمريكية ضد الجماعة خلال مدة تصل إلى شهرين تقريبًا.















0 تعليق