في إنجاز طبي غير مسبوق، سجّل التعاون الطبي بين الصين وفرنسا محطة مفصلية في تاريخ الطب الرقمي، بعد تنفيذ أول جراحة قلب روبوتية عبر الحدود، حيث تباعد بين الجراح والمريض أكثر من 10 آلاف كيلومتر، في خطوة تؤسس لمرحلة جديدة من العمليات الجراحية عن بُعد.
جراحة قلب وُصفت بأنها “فتح علمي”، حملت معها رسائل عميقة حول مستقبل الرعاية الصحية وقدرة التكنولوجيا على ردم المسافات وإنقاذ الأرواح في أي مكان على الكوكب.
جراحة بين قارتين: كيف بدأت القصة؟
في 23 أكتوبر 2025، اجتمع فريقان طبيان من مستشفى شيامن للقلب والأوعية الدموية في الصين، ومستشفى جامعة بوردو في فرنسا، لتنفيذ تجربة تُعد الأولى من نوعها عالمياً، بعد التخطيط الدقيق لتشغيل روبوت جراحي عالي الدقة عبر شبكة اتصال متطورة تسمح بنقل البيانات في اللحظة نفسها دون أي تأخير.
تولّى البروفيسور وانج يان قيادة الفريق الصيني داخل غرفة العمليات بمدينة شيامن، بينما كان البروفيسور ليونيل ليرو ورفيقه البروفيسور توماس مودين يشرفان على العملية من فرنسا، مقدّمين التوجيه اللحظي والتحكم المباشر في الروبوت الجراحي.
عملية إصلاح الصمام الميترالي… من مسافة 10 آلاف كيلومتر
استهدفت جراحة قلب إجراء إصلاح للصمام الميترالي عبر القسطرة (TEER) لمريض يبلغ من العمر 73 عاماً، وهي عملية دقيقة تتطلب تركيزاً عالياً وخبرة متقدمة.
وبفضل منظومة الاتصال الفائق السرعة، تمكّن الأطباء الفرنسيون من التحكم في الروبوت عن بعد بكل سلاسة، وتوجيه أدواته الميكروسكوبية بدقة كاملة، من دون أي ارتباك أو انقطاع، في مشهد يجمع بين براعة الجراحة ودقة التكنولوجيا.
واكتملت العملية خلال ساعة واحدة فقط، ولم تُسجَّل أي مضاعفات تُذكر، ليعلن الفريقان الطبيان نجاح أول تدخل قلبي كامل يتم بين دولتين مختلفتين، في إنجاز لم يكن متصوراً قبل سنوات قليلة.
تعافٍ سريع ونتائج وُصفت بأنها “قريبة من المثالية”
أكد الفريق الطبي في شيامن أن المريض تعافى بسرعة لافتة، وغادر المستشفى بعد فترة قصيرة للغاية، فيما وصف الأطباء نتائج الجراحة بأنها “قريبة من المثالية”، مشيرين إلى أن هذه التقنية قد تغيّر مستقبل الرعاية الصحية، وتفتح الباب لإنقاذ مرضى يعيشون في مناطق نائية أو دول تفتقر إلى الخبرات الطبية المتخصصة.
آفاق طبية جديدة… ثورة في مفهوم الجراحة
يعتبر هذا الإنجاز خطوة متقدمة نحو عالم يمكن فيه للجراحين إجراء العمليات من أي مكان، عبر الروبوتات عالية الدقة وشبكات الاتصال المتطورة، ما يعني قدرة المستشفيات على الاستعانة بخبرات عالمية لحالات معقّدة دون الحاجة لنقل المرضى أو انتظار وصول المتخصصين.















0 تعليق