بابا الفاتيكان فى لبنان

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بنداءٍ لـ«وقف الأعمال القتالية»، وتوصيةٍ بـ«التفاوض والحوار»، اختتم البابا ليو الرابع عشر، بابا الفاتيكان، أمس الثلاثاء، زيارته إلى لبنان، ثانى محطات جولته الخارجية الأولى، منذ اعتلائه كرسى البابوية، فى مايو الماضى. وفى كلمته الأخيرة، من «مطار رفيق الحريرى الدولى»، قبيل إقلاع طائرته إلى روما، شكر البابا اللبنانيين على الأيام الثلاثة، التى قضاها فى بلدهم، داعيًا كل مواطنى الشرق الأوسط، «حتى الذين يعدّون أنفسهم اليوم أعداءً» إلى تجاوز العنف والانقسامات.

فور وصوله إلى لبنان، عصر الأحد، قادمًا من تركيا، حثَّ بابا الفاتيكان، المسئولين اللبنانيين على أن يكونوا فى خدمة شعبهم «الغنى بتنوعه»، ودعا اللبنانيين إلى التحلى بـ«شجاعة البقاء فى بلدهم». وفى لقاء مسكونى وحوارى بين الأديان بوسط بيروت، حضره رؤساء وممثلو الطوائف المسيحية والمسلمة، مساء الإثنين، دعا إلى رفض العنف والإقصاء «فى البلد الصغير الذى يقوم نظامه السياسى على محاصصة طائفية وتمزقه الانقسامات السياسية». وبحضور عشرات آلاف المصلين، أنهى القداس الذى ترأسه فى واجهة بيروت البحرية، بقوله إن منطقة الشرق الأوسط تحتاج إلى «مقاربات جديدة لرفض عقلية الانتقام والعنف، والتغلب على الانقسامات السياسية والاجتماعية والدينية».

فى مطار رفيق الحريرى الدولى، بالعاصمة بيروت، استقبل الرئيس اللبنانى جوزيف عون قداسة البابا، الأحد. وانتشرت أعلام لبنان والفاتيكان واللافتات التى تُرحّب بـ«بابا السلام». ومن القصر الجمهورى، خاطب ليو الرابع عشر اللبنانيين بقوله: «أنتم شعب لا يستسلم؛ بل يتحدى الصعاب ويعرف دومًا كيف يبدأ من جديد. صمودكم منارة لا يمكن الاستغناء عنها لصانعى السلام الحقيقيين. طوبى لصانعى السلام». 

الدولة الشقيقة، التى تُعد نموذجًا للتنوع الدينى فى منطقة الشرق الأوسط، تعيش، منذ سنة ٢٠١٩، أزمات متلاحقة شملت انهيارًا غير مسبوق فى الاقتصاد، وارتفاعًا كبيرًا فى معدلات الفقر، وأعباء استضافة لبنان حوالى مليون لاجئ سورى وفلسطينى، و... و... وصولًا إلى الحرب الأخيرة بين «حزب الله» وإسرائيل، التى زادت الأوضاع سوءًا، خاصة فى المناطق الحدودية. وهنا، قد تكون الإشارة مهمة إلى أن إسرائيل تواصل غاراتها الجوية ضد أهداف تقول إنها تابعة لـ«حزب الله»، فى انتهاك صارخ لاتفاق وقف الأعمال العدائية الذى جرى التوصل إليه فى ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٤، أى منذ سنة تقريبًا!

تأسيسًا على ذلك، وبعد أن رفعت إسرائيل مستوى تهديداتها للدولة اللبنانية، بإعلان جيش الاحتلال عن أنّ قواته المنتشرة فى الشمال «على مستوى عالٍ من التأهب»، عهد رؤساء الطوائف الإسلامية والمسيحية، بقضية بلدهم، إلى بابا الفاتيكان، وشددوا فى لقاء حوارى معه على ضرورة «التعايش والاستقرار السياسى والسلام»، وطالبوا بمساعدتهم فى «الخلاص من الأزمات المتراكمة، وفى طليعتها العدوان الإسرائيلى»، وفى المقابل، دعاهم البابا إلى أن يكونوا «بُناة سلام»، وأن يواجهوا عدم التسامح، ويتغلبوا على العنف.

كان أبرز ما شهدته الزيارة، تلك الرسالة التى وجهها «حزب الله» لبابا الفاتيكان، والتى أكد فيها تمسكه ‏«بالعيش الواحد المشترك، وبالديمقراطية التوافقية، وبالحفاظ على الأمن والاستقرار الداخلى، وبالسيادة الوطنية وحمايتها، وبالوقوف مع جيشنا وشعبنا لمواجهة أىّ عدوان أو احتلال لأرضنا ‏وبلدنا»، و... و... وبينما رأى البعض أن رسالة الحزب «محاولة لردم الهوة التى اتسعت مع القوى المسيحية بعد قراره الأحادى بإسناد ودعم غزة»، انتقد حزب «القوات اللبنانية» بشدة مضمون الرسالة، وقال، فى بيان، إنها «حاولت تقديم الحزب بوصفه مدافعًا عن حقوق الإنسان وحقوق الشعوب، فيما هو نفسه لا يعترف بالشرعية الدولية ولا بالشرعية العالمية لحقوق الإنسان، ويصادر حقوق اللبنانيين وحرياتهم وقرارهم». 

.. وتبقى الإشارة إلى أن قداسة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، كان قد دعا قداسة البابا ليو الرابع عشر، فى ٦ يونيو الماضى، إلى زيارة مصر، للاطلاع عن قرب على تاريخ الكنيسة القبطية، المصرية، وأكد، خلال اتصال تليفونى، أن هذه الزيارة ستكون خطوة كبيرة نحو تعميق العلاقات الأخوية بين الشرق والغرب، وستوجه رسالة سلام إلى العالم بأسره.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق