يشهد قطاع التعدين في مصر حاليًا مرحلة تحول تاريخي وغير مسبوقة، مدعومة ببرنامج إصلاح شامل واستراتيجي يهدف إلى إعادة هيكلة هذا القطاع ليصبح أحد الركائز الأساسية للنمو الاقتصادي الوطني.
قطاع التعدين في مصر.. طفرة واعدة
هذا التحول ليس مجرد زيادة في الإنتاج، بل هو تغيير جذري في نموذج الأعمال والبيئة التشريعية، مما أدى إلى طفرة واعدة في الاستثمارات المباشرة، مع توقعات بزيادة ملحوظة في مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي (GDP) بحلول عام 2025 وما بعده، وصولاً إلى مستهدفات رؤية مصر 2030 الطموحة.
رفع مساهمة قطاع التعدين في مصر بالناتج المحلي
لطالما كانت مساهمة قطاع التعدين في مصر بالناتج المحلي الإجمالي ضئيلة، حيث كانت لا تتجاوز تاريخياً نسبة 1% (حوالي 0.5% تقريباً)، وهو رقم لا يتناسب مع الثروات المعدنية الهائلة التي تمتلكها مصر.
ولكن، بفضل الإصلاحات الأخيرة، تهدف الحكومة الآن إلى تحقيق قفزة نوعية في هذا المؤشر الاقتصادي الحيوي، حيث تشير التقديرات إلى أن الجهود المبذولة تستهدف دفع هذه المساهمة لتصل إلى مستويات تتراوح بين 5% إلى 6% بحلول عام 2030.
مع توقع تسجيل نمو ملحوظ وزيادة قيمة الناتج المحلي الإجمالي من التعدين إلى حوالي 291.489 مليون جنيه مصري في الربع الأول من عام 2025، مما يؤكد أن القطاع يتجه بقوة نحو تحقيق أهداف النمو المخطط لها.
جذب الاستثمار.. محرك الطفرة المالية
العامل الأهم الذي أطلق شرارة هذه الطفرة الاستثمارية هو الإصلاح التشريعي الجريء، الذي عالج نقطة الضعف الرئيسية التي كانت تعيق تدفق رؤوس الأموال الأجنبية، حيث تمالتحول من المشاركة إلى الإتاوة والضرائب،كما تم إلغاء نموذج المشاركة في الأرباح المعقد وغير الجاذب للشركات العالمية، واستبداله بنظام عالمي مرن يقوم على الإتاوة (Royalty) والضرائب.
وهذا النموذج يضمن الشفافية والوضوح في عوائد الاستثمار، مما جعل مصر تتبوأ مكانة متقدمة كـوجهة تعدينية جذابة، كما تم استقطاب الكيانات العالمية، حيث أسفرت المزايدات العالمية التي تم طرحها عن نجاح كبير في جذب أسماء عالمية عملاقة للاستثمار في أنشطة البحث والاستكشاف، خاصة في مناطق الامتياز للذهب.
كما أن الحكومة تتوقع ضخ استثمارات مباشرة داخل قطاع التعدين في مصر قد تصل إلى حوالي 750 مليون دولار سنوياً خلال السنوات القادمة، وهو ما سيعزز بشكل كبير من عمليات التنقيب والإنتاج للمعادن.
التحول نحو التصنيع المعدني
لا تقتصر الخطة على استخراج المعادن الخام فحسب، بل تركز بشكل أساسي على تعظيم القيمة المضافة من الثروات المعدنية. يتمثل هذا التوجه في استراتيجية متكاملة للتحول من مجرد تصدير الخامات إلى استخدامها كمدخلات رئيسية في صناعات تحويلية متقدمة.
مصفاة الذهب المحلية
من أهم المشروعات التي تخدم هذا الهدف هو إنشاء أول مصفاة ذهب معتمدة في مصر بمنطقة مرسى علم، مما يضمن معالجة الذهب المنتج محلياً وفق المعايير العالمية، ويكمل سلسلة القيمة لثروة الذهب.
كما يتم العمل على مشروعات ضخمة مثل مشروع الرمال السوداء لاستخلاص المعادن الاقتصادية عالية القيمة، ومجمع إنتاج الكوارتز بالعين السخنة، وتهدف هذه المشروعات إلى جعل مصر مركزاً إقليمياً للصناعات المعدنية.
وهذا المزيج من الإصلاح التشريعي، والتدفق الاستثماري، والتوجه نحو التصنيع، يضع قطاع التعدين المصري على طريق تحقيق طفرة حقيقية، مؤكدًا دوره كمحرك مستقبلي للاقتصاد الوطني.













0 تعليق