عندما تتحول المشاهد إلى ساحة معركة.. المسرح يتأمل جراح الحرب ويبحث عن أمل الإنسان

البوابة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ليست الحرب مجرد انفجار للبارود وصدام للجيوش، بل هي زلزال يهز أعماق الإنسانية، وعلى مر العصور، لم يكن المسرح مجرد مرآة تعكس هذا الزلزال، بل كان مشرطًا يحلل تداعياته، وصوتا يرفض صمته.

أهوال الحرب

ومن تراجيديات الإغريق إلى نصوص العصر الحديث، ظلت خشبة المسرح ساحة لاستحضار أهوال الحرب، ليس بهجة بانتصاراتها، بل تأملا لجروحها النفسية والاجتماعية، وبحثا عن بصيص إنساني في ظلامها الدامس.

تجسيد الحرب بين الواقعية والرمزية

لم يقتصر تجسيد الحرب في المسرح على إعادة تمثيل المعارك بشكل واقعي، بل تنوعت الأساليب والرؤى الفنية لالتقاط جوهر التجربة:

ففي مسرح الشهادة والذاكرة، تتحول الخشبة هنا إلى فضاء للرواية الشخصية، وتعتمد هذه المسرحيات على مذكرات وشهادات حقيقية للناجين من الحرب، بهدف توثيق الذاكرة الجمعية ومنح صوت لمن سلبت أصواتهم، حيث تجسد المعاناة الإنسانية بعيدا عن الخطاب السياسي أو العسكري، مركزة على الألم الفردي والضياع.

أما التراجيديا والصراع الداخلي، فقد استلهم المسرح الكلاسيكي، ولا سيما مسرحيات "الإغريق" مثل "الطرواديات" ليوريبيدس، الحرب كخلفية لاستكشاف العواقب الوخيمة للغطرسة والانتقام، فلم تكن المعركة خارج أسوار طروادة فحسب، بل كانت داخل نفوس الشخصيات، مما يجعل الحرب استعارة للصراع الإنساني الأزلي بين العقل والغريزة، بين السلام والدمار.

وفي مسرح اللامعقول والسخرية السوداء، وذلك بعد الحربين العالميتين، فقد استخدم كتاب المسرح مثل "بيكيت" و"يونيسكو" الرمزية واللامعقول لنقل شعور العبث والفراغ الذي خلفته الحرب، لم تعد هناك أبطال أو معارك واضحة، بل كائنات ضائعة في عالم مشوه، تعكس الانهيار النفسي والأخلاقي للإنسان الحديث.

وبالنسبة للمسرح التسجيلي، يعتمد هذا النوع بشكل صارم على الوثائق الرسمية، وتسجيلات المحاكمات، والتقارير الإخبارية، ويقدمها مباشرة إلى الجمهور، وتهدف هذه المسرحيات إلى تحدي الروايات الرسمية وإثارة النقاش العام حول مسئولية الحرب، كما في مسرحية "التحقيق" لبيتر فايس، التي تناولت محاكمات أوشفيتز.

740.webp

نماذج مسرحية خالدة

"المنظر" للإنجليزي إدوارد بوند مسرحية قاسية تنتقد بشدة فكرة التجهيل والعنف المؤسسي، وتظهر كيف تخلق الأنظمة الحربية وحوشا، و"بيت الدمى" لهنريك إبسن، رغم أنها لا تتناول حربًا تقليدية، إلا أنها حرب اجتماعية ونفسية، تظهر الصراع بين الفرد والمجتمع، وهو صراع أساسي في أي حرب، و"مشهد الجريمة" لديبورا ليفي، مسرحية معاصرة تستكشف تداعيات الحرب على العلاقات الشخصية والهوية الأنثوية في عالم مليء بالعنف.

مسرحيات عربية

لم يغب الموضوع عن المسرح العربي، حيث تناولت العديد من المسرحيات الحروب الأهلية والصراعات في المنطقة، مجسدة المأساة الإنسانية من منظور المحلي، وغالبا ما مزجت بين الواقعية والاستعارة لوصف ألم لا يحتمل.

الحرب ليس لها وجه امرأة.. تكشف معاناة النساء التي لا ترى

قدمت فرقة مسرح "ألاس" اليونانية مسرحية "الحرب ليس لها وجه امرأة" التي تسلط الضوء على الثمن البشري الفادح الذي تدفعه النساء في الحروب، وهي مقتبسه من كتاب الكاتبة الأوكرانية الحائزة على جائزة نوبل للآداب عام 2015، سفيتلانا ألكسيفيتش، يأتي إخراج كاتيا جيرو، وبطولة الفنانة ناتاليا جورجوسوبولو.

تدور المسرحية حول امرأتين تخوضان رحلة وجدانية عبر ذكريات الحرب العالمية الثانية، حيث تستعرضان الخسائر المأساوية التي عاشاها من خلال حوار شعري تراجيدي، وتتحول المسرحية إلى مناجاة إنسانية تبحث عن "الفردوس المفقود" الذي مزقته الحرب.

يقدم العمل مشاهد مؤثرة تجسد المعاناة الإنسانية الخفية وهي: امرأة تستقبل حبيبها في صندوق بعد أن قضى في المعركة، وعروس تخيط فستان زفافها من ضمادات الجرحى، وأم تفقد إرادة الحياة بعد فقدان ابنها، وامرأة تفقد ساقيها وتفقد معنى الاستمرار

صورة مصغرة عن واقع مأساوي

تقول المخرجة كاتيا جيرو، إن المسرح يمكن أن يلعب دورا محوريا في النهوض بأوضاع النساء، لأنه قادر على تغيير العقليات والمعتقدات السائدة، مضيفة أن هذا العمل يصور المحنة التي تعيشها النساء أثناء الحروب، حيث تدفعن ثمنا باهظا يتجاهله العالم.

وتؤكد الممثلة ناتاليا جورجوسوبولو، أن المسرحية تكشف عن جوانب كثيرة من المعاناة التي تعيشها النساء أثناء الحروب، مشيرة إلى أن ما تعيشه نساء غزة اليوم هو كارثة إنسانية بكل المقاييس.

تكشف المسرحية أن النساء يخضن معارك من نوع آخر خلال الحروب، معارك البقاء وتدبير أمور العيش والحفاظ على الذاكرة الجمعية رغم أنهن لا يسلكن ساحات القتال، إلا أنهن يدفعن ثمنا باهظا ويعانين من العنف والإهمال.

يذكرنا هذا العمل بأن وجه الحرب الحقيقي ليس في ساحات القتال فقط، بل في البيوت التي تنتظر، وفي القلوب التي تتحمل ما لا طاقة لها به، إنه تحية لكل امرأة اضطرت لخوض معركة الحياة في ظروف استثنائية، وتحملت ما لا يحتمل من أجل البقاء.

تمثل المسرحية رسالة فنية إنسانية تؤكد أن الفن يبقى صوتا للضعفاء والمهمشين، ووسيلة لتسليط الضوء على المعاناة الإنسانية التي غالبا ما تنسى في زحف الأحداث والأرقام.

aee7e34d93.jpg
الحرب ليس لها وجه امرأة

 

نساء بلا غد.. صرخة مدوية ضد الحرب

تسلط المسرحية السورية "نساء بلا غد" الضوء على الجانب الإنساني المأساوي للحرب في سوريا، من خلال عيون النساء، لا تركز المسرحية على الخطوط العسكرية أو السياسية، بل على العواقب الوخيمة للحرب على الحياة اليومية للنساء، اللواتي تحولن إلى ضحايا مباشرين وغير مباشرين للنزاع، فالعنوان نفسه يحمل دلالة قوية "بلا غد" يشير إلى فقدان الأمل، وانعدام الرؤية للمستقبل، وتحطم أحلام وحياة النساء في ظل الدمار.

الموضوع الرئيسي للمسرحية هو استعراض الآثار المدمرة للحرب على النساء بوصفهن: ضحايا مباشرين من خلال القتل، الإصابة، التشريد، والاعتقال، وضحايا غير مباشرين من خلال فقدان الأزواج، الآباء، الأبناء، وتحمل أعباء إعالة الأسرة في ظروف بالغة القسوة، وضحايا نفسيات: تعاني الشخصيات من صدمات نفسية عميقة، كالقلق، الاكتئاب، الخوف، وفقدان الشعور بالأمان.

أصوات من ركام الحرب

تمثل الشخصيات النسائية في المسرحية نماذج مختلفة لمعاناة المرأة السورية: الأرملة، وهي المرأة التي فقدت زوجها في الحرب وتصارع من أجل تربية أطفالها وحدها، والأم الثكلى، وهى التي فقدت أبناءها، مما يجسد أكبر خسارة يمكن أن تتعرض لها أم، والأم المشردة، وهي التي أجبرت على مغادرة منزلها ومدينتها، وتعيش في ظروف غير مستقرة، والأم المعتقلة أو من فقدت عزيزًا في السجون تلامس قضية الاعتقال القسري والمعتقلين، وهي من أكثر القضايا إيلاما في الصراع السوري، وكذلك المرأة التي فقدت أحلامها وطموحاتها، وهي الشابة التي كان بإمكانها أن تكون طبيبة، مهندسة، أو فنانة، لكن الحرب حطمت مستقبلها.

وتقدم المؤلفة من خلال حوارات هذه الشخصيات ومونولوجاتها الداخلية، لوحة إنسانية معقدة للألم.

قد لا تتبع المسرحية هيكلا دراميا تقليديا "بداية، ووسط، ونهاية"، بل تكون أقرب إلى مشاهد متتابعة تعكس شظايا من الحياة وتبعات الحرب المستمرة، وتستخدم الكاتبة المونولوج بكثافة للكشف عن العالم الداخلي للشخصيات، ومخاوفها، وذكرياتها، وآلامها التي قد تخفيها عن الآخرين.

وتستخدم المسرحية رموزا لتعزيز المعنى، مثل: المنزل المدمر، وهو رمز لفقدان الأمان والاستقرار والذكريات، والصور القديمة وهي رمز للماضي الجميل الذي لن يعود، الغد البعيد أو المستحيل، وهو الرمز الرئيسي في العنوان، واللغة غالبا ما تكون شعرية في لحظات التأمل والألم، وواقعية وقاسية في لحظات وصف الدمار والمعاناة.

وتهدف المسرحية إلى إظهار أن ضحايا الحرب ليسوا أرقاما إحصائية، بل بشرا بأسماء ووجوه وقصص، تنتقد المسرحية صمت المجتمع الدولي تجاه المأساة السورية، كما يبرز العمل أيضا قوة المرأة وصمودها غير العادي في مواجهة الظروف القاسية، فهن لسن ضحايا سلبيات فقط، بل ناجيات يكافحن من أجل البقاء، تدعو المسرحية المتلقي إلى رؤية نفسه في هؤلاء النساء، والتأكيد على أن الخسائر الإنسانية في أي حرب هي خسارة للجميع.

مسرحية "نساء بلا غد" للمخرجة السورية نور غانم هي صرخة مدوية ضد الحرب، ونصب تذكاري درامي لنساء سوريا، إنها عمل لا يروي قصص الضحايا فحسب، بل يحاول أن يعيد لهن إنسانيتهن المسلوبة وصوتهن المكبوت، ويقدمهن للعالم ليس كإحصاءات، بل كأمهات، بنات، زوجات، وأخوات حلمن بمستقبل أفضل فسرقهن منهن غول الحرب، فهذا العمل هو جزء من حركة فنية وأدبية سورية مهمة حاولت توثيق المأساة الإنسانية للحرب من الداخل، مما يجعله وثيقة مهمة لفهم العمق التراجيدي للصراع.

141df09329.jpg

 

ألاقي زيك فين يا علي.. رحلة البحث عن جثة شهيد

في عمل مسرحي يجمع بين الوثيقة التاريخية والفن الأدائي، قدمت المخرجة لينا أبيض، والفنانة رائدة طه مسرحية "ألاقي زيك فين يا علي"، التي تستند إلى قصة استشهاد والد الفنانة رائدة علي طه، خلال عملية اختطاف طائرة "سابينا" البلجيكية عام 1972.

تعود الحكاية إلى 8 مايو 1972، حين قام أربعة من عناصر منظمة "أيلول الأسود" باختطاف طائرة "سابينا" البلجيكية المتجهة من فيينا إلى تل أبيب، وكان على متنها 100 راكب، وقد انتهت العملية بمداهمة الوحدة الخاصة الإسرائيلية للطائرة في مطار اللد، ما أسفر عن مقتل اثنين من الخاطفين وأسر الآخرين.

ما يميز هذه المسرحية هو تناولها لقصة البحث المستمر عن جثة الشهيد علي طه، الذي قتل خلال العملية ولم تسلم جثته أبدا لعائلته، مما شكل جرحا مفتوحا في ذاكرة العائلة والشعب الفلسطيني على حد سواء.

تتحول المسرحية من سرد شخصي لرحلة البحث عن الأب، إلى استعارة قوية ترمز لبحث الشعب الفلسطيني عن هويته وأرضه وحقه في الحقيقة والعدالة، كما تبرز العمل دور المرأة الفلسطينية في الحفاظ على الرواية والنضال من خلال منظور الابنة والأم والعائلة التي تنتظر.

وقد استخدم العمل مواد أرشيفية عائلية حقيقية تمنحه مصداقية تاريخية وقوة عاطفية، مما يجعله وثيقة فنية تؤرخ لمرحلة مهمة من تاريخ القضية الفلسطينية.

dfdb2141e8.jpg

 

أشلاء.. مسرحية تمزق قناع الحرب لتكشف وجهها القبيح

تجسد مسرحية "أشلاء" للكاتب المسرحي عمران الوطني، ومن إخراج المغربي محمد فرجاني، تداعيات الصراعات المسلحة على النفس البشرية بعيدا عن التبشير والخطاب المباشر

في مشهد صادم يلخص مأساة الحروب، لا تقدم المسرحية أبطالا تقليديين، بل تقدم أشلاء بشرية ممزقة، أشلاء أجساد ونفوس وأوطان وأحلام.

تتقاطع في المسرحية مستويات الدمار المختلفة، مثل تشوه الأجساد، وتمزق النفوس، وتحول الأوطان إلى ركام. العنوان نفسه يشي بمحتوى العمل - أشلاء تتناثر على مسرح الحياة، لا تفرق بين جسد محطم وروح ممزقة.

تكشف المسرحية عن طبقات متعددة من الآثار النفسية مثل: صدمة ما بعد الحرب التي تظهر عبر كوابيس متكررة وذكريات مفجعة، وفقدان الهوية حيث يتساءل الناجون: من نحن بعد هذا التشوه؟ والتبلد العاطفي والعجز عن استئناف الحياة الطبيعية، شعور بالذنب يلاحق الناجين لنجاتهم بينما قضى رفاقهم.

تعتمد المسرحية تقنيات إخراجية متقدمة، منها الانزياح الزمني الذي يخلط بين الماضي والحاضر، والمونولوج الداخلي الذي يكشف العالم النفسي للشخصيات، والرمزية التي تحول الضمادات والجبس إلى قيود نفسية.

تمثل المسرحية صوتًا مضادًا للخطاب الدعائي الذي يحول البشر إلى أرقام في معادلات سياسية، فإنها تذكرنا بأن وراء كل رقم إنسانًا، ووراء كل نصر معلن آلاف المآسي الخفية.

تبقى "أشلاء" شهادة فنية على أن حروب الجسد قد تنتهي، لكن حروب النفس تظل مشتعلة لأجيال.

725.webp
أشلاء

 

حادث أمني صعب.. نقد ذاتي ساخر للحرب بلبنان

احتضن مركز المعارض "بيروت هال" وسط حضور جماهيري لافت، العرض المسرحي الكوميدي "حادث أمني صعب" للمخرج محمد الدايخ، الذي قدم نقدا ذاتيا ساخرا للأجواء التي عاشها اللبنانيون خلال الحرب الأخيرة، في محاولة لمسح آثار تلك الفترة الصعبة.

ينتمي العرض إلى "ستاندا أب كوميدي"، الذي قدمه الممثلان حسين الدايخ وحسين قاووق على مدار قسمين، فقد استهل الفنان حسين الدايخ العرض بمناقشة قضايا عائلية يومية وعلاقتها بزمن الحرب، بينما استولى الفنان حسين قاووق على اهتمام الجمهور بحضور طاغ وحركة دؤوبة على الخشبة.

اعتمدت المسرحية على النقد المباشر، حيث قام الفنان حسين قاووق من خلال سلسلة اسكتشات كوميدية بتشريح فئات المجتمع اللبناني وعاداته، مسلطا الضوء على مفارقات النزوح والاختلافات الطبقية بين النازحين، كما تناول بعبثية الوعود السياسية حول مدة الحرب، كما لم تسلم بعض الأطراف السياسية من سهام نقده الساخر، في مشاهد تفاعل معها الجمهور بحماس.

استوحى العرض اسمه من العبارات التي كان يرددها الناطق العسكري الإسرائيلي، نجح في تفجير ضحك الجمهور المتواصل، مقدما نقدا ذاتيا لاذعا لواقع مرير عاشه اللبنانيون، محققا بذلك الهدف من خلال فن الكوميديا.

4309098294.jpg
حادث أمني صعب

تشيلكوت.. تستحضر شهادات غزو العراق

شهدت العاصمة البريطانية لندن مؤخرا عرضا مسرحيا بعنوان "تشيلكوت"، تقدمه فرقة محلية، ويستقي أحداثه من واحدة من أكثر القضايا الدولية إثارة للجدل في التاريخ الحديث حرب العراق.

يستوحي العمل موضوعه من التقرير الرسمي الشهير الذي يحمل الاسم نفسه تقرير تشيلكوت، وهو نتاج تحقيق استمر سبع سنوات كلفته الحكومة البريطانية للتحقيق في دور بلادها في الحرب.

ويركز العرض على الفترة التي سبقت الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في مارس 2003، والمبررات التي قدمتها الحكومة البريطانية آنذاك بقيادة توني بلير التبعات الإنسانية والسياسية التي أعقبت ذلك.

لا يقدم العرض قصة درامية تقليدية، بل يعتمد على صيغة "القراءة المسرحية" للمستندات الرسمية ونسخ جلسات الاستماع، حيث يسلط العمل الضوء على الانتقادات الحادة التي وجهها التقرير، والتي شملت: عدم كفاية الأدلة حول أسلحة الدمار الشامل التي بُني عليها قرار الغزو، فشل التخطيط لمرحلة ما بعد صدام حسين، ومسألة الشرعية القانونية والأخلاقية للمشاركة البريطانية.

يأتي هذا العرض ليذكر الجمهور بفصل مثير للجدل من تاريخ بريطانيا السياسي، حيث شاركت البلاد إلى جانب الولايات المتحدة في غزو العراق، مما أدى إلى إسقاط النظام الحاكم وتغيير الخريطة السياسية للمنطقة، فيما لا تزال التبعات مستمرة حتى اليوم. تقدم المسرحية حوارا نقديا حول مسئولية القيادة السياسية وثمن القرارات المصيرية التي تغير مجرى التاريخ.

2fcef149ab.jpg
تشيلكوت

المسرح وانتصار أكتوبر

استطاع الجندي المصري بمساندة كافة أطياف الشعب تحقيق المعجزة لتحويل هزيمة النكسة إلى انتصار وهى أكتوبر المجيدة 1973م، وكانت ملحمة العبور بأحداثها الدافع الرئيسى لتقديم عدد كبير من العروض الوطنية التى تناولت قضية «الصراع العربى الصهيوني»، وكيفية استرداد الكرامة والعزة العربية، فقام «المسرح القومي» بتقديم العروض التالية: «أقوى من الزمن» تأليف يوسف السباعى وإخراج نبيل الألفي، «صلاح الدين» تأليف محمود شعبان، وإخراج كمال حسين، «حدث فى أكتوبر» تأليف إسماعيل العادلي، وإخراج كرم مطاوع، «حبيبتى شامينا» تأليف رشاد رشدي، وإخراج سمير العصفوري، «سقوط خط بارليف» تأليف هارون هاشم رشيد، وإخراج سناء شافع عام 1974، «النسر الأحمر» تأليف عبدالرحمن الشرقاوي، وإخراج كرم مطاوع عام 1975، «باب الفتوح» تأليف محمود دياب، وإخراج سعد أردش عام 1976.

كما قدمت فرقة «المسرح الحديث» بعض العروض الوطنية ومن أهمها «مدد مدد شدى حيلك يا بلد»، تأليف زكى عمر، وإخراج عبدالغفار عودة، «رأس العش»، تأليف سعدالدين وهبة، وإخراج سعد أردش، «العمر لحظة»، تأليف يوسف السباعي، وإخراج أحمد عبدالحليم، «الحب والحرب»، تأليف شوقى خميس، وإخراج عبدالغفار عودة، وشاركت فرقة «مسرح الطليعة» بتقديم ثلاثة عروض وهى «القرار» من تأليف سعيد عبدالغني، وإخراج مجدى مجاهد، «جبل المغماطيس» تأليف سعيد عبدالغني، وإخراج فهمى الخولي، «حراس الحياة» تأليف محمد الشناوي، وإخراج أحمد عبدالحليم، بينما قدم قطاع «الفنون الشعبية والاستعراضية» عدة مسرحيات غنائية استعراضية من أهمها «حبيبتى يا مصر» تأليف سعدالدين وهبة، وإخراج سعد أردش، «الحرب والسلام»، تأليف يوسف السباعي، وإخراج محمود رضا ومحمد صبحي، «مصر بلدنا» عام 1978، تأليف حسام حازم، وإخراج أحمد زكي، «نوار الخير» عام 1979، تأليف توفيق الحكيم، ونجيب محفوظ، وإخراج حسن عبدالسلام.

وهكذا، يتضح لنا أن انتصارات أكتوبر 1973 كما ظلت دائما فى وجداننا جميعا، وتعد رمزا للفخر والعزة واستعادة الكرامة، فقد ظلت فى عيون وذاكرة المسرح المصرى بتلك العروض والنصوص التى تناولتها بصور فنية مختلفة، ونجح المسرح المصرى من خلال مبدعيه الكبار فى مختلف مجالات الفنون المسرحية فى تقديم بعض المعالجات المتميزة لتلك المعركة المصيرية، وجميع المسرحيات التى تم ذكرها مجرد نماذج مشرفة ومضيئة أسهمت فى تسجيل الأحداث وقصص البطولة والدعوة للتصدى بصورة دائمة لتلك الهجمات الشرسة والأطماع الاستعمارية.

5942aaec43.jpg


التحديات الفنية.. كيف تجسد الكارثة على الخشبة؟

يواجه المخرج ومصمم الديكور تحديا جماليا وأخلاقيا كبيرا، كيف يمثلون ما لا يمكن تمثيله؟ الحلول تكون غالبا: اللجوء إلى الرمزية، وذلك باستخدام ديكور محطم، أضواء متقطعة، ومؤثرات صوتية مزعجة، أو حركات راقصة تعبيرية بدلا من تمثيل المعركة مباشرة.

وأيضا تركيز الضوء على الضحايا، وتحويل الاهتمام من صوت المدافع إلى صرخات الضحايا، ومن ساحة القتال إلى غرفة المعيشة التي مزقتها الأخبار، وأيضا كسر الإيهام المسرحي باستخدام تقنيات بريشتية لإبعاد المتفرج عاطفيا وتحفيزه على التفكير النقدي بدلا من الاندماج العاطفي فقط.

المسرح كفعل مقاومة

يظل المسرح الذي يتناول الحرب فعل مقاومة، مثل مقاومة النسيان، والتبسيط، واغتيال الإنسانية، فإنه لا يقدم إجابات جاهزة، بل يطرح أسئلة مؤلمة: من نحن؟ وإلى أين نسير؟ عندما تتحول الخشبة إلى ساحة معركة، فإن الهدف النهائي ليس إمتاعنا بمنظر الدمار، بل إنذارنا من عواقبه، وتذكيرنا بأن شظايا الحرب لا تتوقف عن الاختراق حتى بعد أن تهدأ أصوات المدافع، إنه مسرح لا يريحنا، بل يوقظ ضميرنا.

ddbd40c146.jpg
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق