الإثنين 01/ديسمبر/2025 - 12:05 م 12/1/2025 12:05:01 PM
عاشت مصر الأيام السابقة في فرحة افتتاح مشروعات حضارية ثقافية كبرى أهمها المتحف المصري الكبير وتلال الفسطاط ومشروعات تطوير القاهرة الإسلامية وأسواق العتبة الخضراء وتطوير القاهرة الخديوية وغيرها من المشروعات ذات الصبغة المستدامة ولها تأثير مجتمعي بيئي واضح ولها مردود استثماري أيضًا ناجح ويلمسه المصرييون ويشعرون بحراك معماري عمراني مقدر ومشكور.
ولكن تظل الصيانة الدورية والحمائية وكفاءة التشغيل وحوكمة الإدارة والاهتمام بتلك المشروعات ناجحةً مستمرةً في أداء رسالتها أحد العناصرالمهمة في الحفاظ على اقتصاد الدولة وتطويرها ونحاحها.
تمثل تكلفة البناء عشرين في المائة تقريبا" من التكلفة الكلية للمبنى حتى انتهاء عمره الافتراضي بينما تمثل عمليات الصيانة والتشغيل والإدارة للحفاظ على كفاءة واستمرارية المبنى في أداء وظائفه المختلفة الثمانين في المائة المتبقية. في هذا الإطار فإن الاستثمار العقاري الحقيقي والمتوازن هو الذي يراعي أبعاد الصيانة الدورية المستمرة خلال مراحل استخدام المشاريع على اختلاف أنواعها.
ويمكن تشبيه المبنى بالكائن الحي الذي يحتاج إلى الحفاظ على صحته وعافيته مع تقادم السنين وله في النهاية عمر افتراضي يمكن تمديده بالرعاية والصيانه للوصول إلى ما يسمى بالعمر الفعال للمبنى وهو الحالة الواقعية لكفاءة وقدرة المبنى على أداء وظائفه واستمرار حالته الإنشائية والمعمارية والنفعية والشكلية والجمالية بقدر كبير من التوازن والسلامة.
ولكي يستمر المنشأ المعماري أو المشروع العمراني في تأدية الانشطة والوظائف المنوط بهما فإنها تحتاج لقدر من حسن إدارة الصيانة الدورية التي تشبه كذلك لحد كبير صيانة الماكينات والمعدات الآلية من حيث تنوع طرق وآليات الصيانة الدورية والصيانة لتحقيق الحماية والصيانة التي تتنبأ بالمشاكل قبل وقوعها.
وإذا كانت المشاريع العقارية الحديثة تحتاج لهذا القدر من الاهتمام منذ بداية تنفيذ المنشأ حتى مراحل استخدامه وتشغيله فإن المباني التاريخية ذات الأبعاد الثقافية أولى بالرعاية والاهتمام وذلك لتأثيرها في الحفاظ على ذاكرة الأمة ولأثرها الحضاري والثقافي على كل أفراد المجتمع.
والمجال مفتوح ومبشر بالكثير من النجاح للمستثمرين في هذا المجال بدءا" من مراكز التدريب للشباب في المهن المختلفة من سباكة وكهرباء ونجارة وبياض ودهانات وخلافه مما يساعد في تنمية المجتمع ككل وفي حل مشكلة البطالة المزمنة، كما أن المجال مفتوح لإنشاء شركات صغيرة ومتوسطة لرجال أعمال شباب أيضا" تستطيع تلك الشركات إدارة العقارات من ناحية توجية قيمة الإيجارت أو اتعاب الصيانة الشهرية وتوجيهها نحو الصيانة الحقيقة المحترفة بدلا" من انتشار بعض العمال والحرفيين الغير مؤهلين والذين لا يملكون القدر الكافي من الخبرة أو أخلاقيات المهنة وآدابها.
ولكن تظل هناك حاجة ملحة لإنشاء جهاز خاص محترف مهنيا" ربما يكون حكوميا" أو خاصًا أو يمثل إحدى منظمات المجتمع المدني وذلك لوضع ما يسمى بمعايير الصيانة والتشغيل، بحيث تكون هذه المعايير ملزمة التطبيق على جميع العقارات بلا استثناء والتي تمثل امتدادا" طبيعيا لاستخراج رخصة البناء وربما يساعد قانون خاص بالصيانة والتشغيل على التحكم والسيطرة على هذا المجال الحيوي من مجالات الاستثمارالعقاري والذي يمثل في النهاية مخزنا" للثروة القومية وقاطرة" للاقتصاد الوطني.



















0 تعليق