في استجابة مباشرة لما نشرته «الدستور» في تقريرها الحصري بتاريخ 10 أكتوبر 2025 تحت عنوان «مسؤول تعديني سابق يكشف أسرار التخطيط الذكي للمسح الجوي الجيوفيزيائي في مصر»، أعلن أمس المهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، رسميًا عن بدء تنفيذ مشروع وطني غير مسبوق لإجراء مسح جوي جيوفيزيائي يغطي مختلف محافظات الجمهورية، بالتعاون مع شركة «إكس كاليبر» الإسبانية الرائدة في تقنيات الاستشعار الجوي والتخطيط الذكي.
مصر تُطلق أضخم مسح جوي للتعدين مع دمج الخرائط التاريخية
وجاءت هذه الخطوة خلال زيارة الوزير لموقع عمل الشركة في مطار جانداكوت بغرب أستراليا، حيث شهد توقيع مذكرة تفاهم بين هيئة الثروة المعدنية والصناعات التعدينية، برئاسة الجيولوجي ياسر رمضان، وبارت أنديرسون، المدير التنفيذي للشركة الإسبانية، لتدشين المشروع الذي يُعد نقلة نوعية في استراتيجية مصر لتحديث قواعد بياناتها الجيولوجية وتحفيز الاستثمار التعديني المستند إلى بيانات علمية دقيقة.
أي برنامج جوي لا يجب أن يبدأ من الصفر بل من قراءة دقيقة لخزائن السجلات الوطنية
وتأتي استجابة وزير البترول والثروة المعدنية لتوصيات عدد من كبار الخبراء الوطنيين، وفي مقدمتهم الدكتور السيد سالم، مدير إدارة الجيوفيزياء الأسبق بالهيئة، الذي شدد في حديثه لـ«الدستور» على أن «أي برنامج جوي لا يجب أن يبدأ من الصفر، بل من قراءة دقيقة لخزائن السجلات الوطنية»، وهي الرؤية التي تبناها الوزير ضمن تفاصيل المرحلة الأولى للمشروع، حيث أكد أن المنصة الرقمية ستدمج "البيانات الجيولوجية التاريخية مع صور الأقمار الصناعية"، وهو ما يُعد تأكيدًا مباشرًا على المطلب المحوري الذي طرحه التقرير بضرورة "دمج المنتجات السابقة لتوفير ملايين الدولارات وتجنب التكرار".
تنفيذ المشروع على ست مناطق رئيسية
ويُخطط لتنفيذ المشروع على ست مناطق رئيسية تتضمن الصحراء الشرقية والغربية، وسيناء، والواحات البحرية، ومنطقة أبو طرطور، وهي ذات المناطق التي أشار إليها الدكتور سالم باعتبارها أولويات جيوفيزيائية ينبغي أن تنطلق منها خطوط الطيران المخصصة للمسح الجوي، خاصة في ظل ما تحتويه من مؤشرات جيولوجية واعدة.
مراحل المشروع
ويتضمن المشروع مراحل تبدأ بإطلاق المسح المغناطيسي الجوي، ثم الانتقال إلى مراحل تكميلية في المناطق التي تثبت جدواها من الناحية التعدينية، وفق خطة ديناميكية قابلة للتعديل في ضوء نتائج القياسات، كما سيُخصص فريق للتفسير المتزامن مع عمليات الطيران، ما يسمح بإعادة ضبط خطوط الطيران والمسارات وفق نتائج أولية تراكمية، وهي إحدى التوصيات التي وردت في تقرير «الدستور» وأكدت أن "المسح الناجح يتعلم من نفسه أثناء التنفيذ".
وأكد الوزير، خلال تفقده هنجر الطائرات والمجسات المتطورة، أن المشروع يمثل نقلة استراتيجية لقطاع التعدين المصري، حيث سيوفر قاعدة بيانات محدثة وحديثة قابلة للاستخدام من قبل المستثمرين، من خلال منصة رقمية موحدة بصيغ مفتوحة، وهو ذات الطرح الذي دعا إليه التقرير في فقرة شددت على ضرورة "ترجمة القياسات إلى خرائط تفضيل يمكن للمستثمر قراءتها بسهولة".
ويُنتظر أن تُسهم هذه الخطوة في تقليل الفجوات المعرفية، وتوحيد البيانات، وتحديث خرائط مصر التعدينية، بما يدفع القطاع إلى مرحلة جديدة من الجاذبية الاستثمارية، خاصة في مجالات المعادن الحيوية والنادرة، ويُعيد لمصر ريادتها الجيوفيزيائية في الإقليم.









0 تعليق