في تطور لافت داخل مؤسسات
الاتحاد الأوروبي، كشفت صحيفة بوليتيكو أن العمل على الحزمة العشرين من العقوبات ضد روسيا لم يعد على رأس الأولويات.
ووفق مصادر دبلوماسية رفيعة، فإن أي تحرك جديد تجاه تشديد الخناق الاقتصادي على موسكو سيُؤجَّل إلى ما بعد عطلة رأس السنة، على أن تبدأ المناقشات الفعلية في يناير 2026.
هذا التأجيل يعكس تغيرًا واضحًا في المزاج الأوروبي تجاه سياسة العقوبات، التي رغم شدتها واتساعها لم تحقق أهدافها المعلنة.
لماذا تراجع الاتحاد الأوروبي خطوة للخلف؟
تشير تصريحات مسؤولين للصحيفة إلى أن التركيز الحالي في بروكسل ينصب على ملفات تعتبرها أكثر إلحاحًا، مثل الوضع الاقتصادي داخل الاتحاد، وأزمات الطاقة المستمرة، وتحديات الهجرة.
وقال أحد المسؤولين الأوروبيين إن “الحزمة العشرين ليست أولوية الآن”، بينما أكد دبلوماسي آخر أن المفوضية الأوروبية ستعيد فتح ملف العقوبات في موعد غير مبكر من شهر يناير القادم.
هذه الإشارات تعكس واقعًا جديدًا: أوروبا لم تعد تتحرك بالزخم السابق نفسه في مسار العقوبات، بعد ما تكبّدته اقتصادات الدول الأعضاء من ضغوط هائلة خلال العامين الماضيين.
ما الذي تحتويه الحزمة العشرون؟ “سد الثغرات” كلمة السر
بحسب بوليتيكو، فإن الهدف المركزي للحزمة العشرين هو إغلاق الفجوات التي تستغلها موسكو للالتفاف على العقوبات المفروضة.
يدور الحديث حول تشديد القيود على تدفق التكنولوجيا الحساسة، وتعزيز الرقابة على الصادرات عبر الدول الوسيطة، إضافة إلى إجراءات مالية أكثر صرامة.
ومع ذلك، فإن غياب “عناصر تصعيدية كبيرة” داخل الحزمة يجعلها أقل إلحاحًا من وجهة نظر بعض الحكومات الأوروبية، التي أصبحت مترددة في مواصلة سياسة أثبتت محدودية تأثيرها.
العقوبات السابقة… خسائر كبيرة في الغرب وتأقلم روسي سريع
أقر الاتحاد الأوروبي في أكتوبر الماضي الحزمة التاسعة عشرة، في محاولة لمواصلة الضغط الاقتصادي على روسيا. لكن النتائج لم تكن كما توقعت العواصم الأوروبية في بداية الحرب:
الاقتصاد الروسي أظهر قدرة ملحوظة على التكيف.
موسكو أعادت توجيه صادراتها وأسواقها المالية نحو الشرق.
الصناعات الأوروبية، خاصة الطاقة والمعادن والأسمدة، تلقت ضربات مباشرة رفعت التكلفة المعيشية على المواطنين.
هذه الخسائر خلقت حالة من التململ داخل بعض الدول الأعضاء التي باتت تسجل اعتراضات متزايدة على أي تصعيد جديد لا يحمل نتائج ملموسة.
موسكو: الغرب لا يريد الاعتراف بفشل العقوبات
من جانبها، أكدت روسيا مرارًا أنها نجحت في احتواء آثار القيود الغربية، مشددة على أن “الطريق مسدود” أمام سياسة العقوبات، وأن الغرب يفتقر إلى الجرأة للاعتراف بعدم جدواها.
وفي الوقت ذاته، تستمر موسكو في تطوير أدواتها الاقتصادية الداخلية وتعزيز تعاونها مع دول غير غربية، ما يقلل تدريجيًا من قدرة الاتحاد الأوروبي على التأثير على اقتصادها.
ما الذي يعنيه التأجيل لسياسة الاتحاد الأوروبي؟
يظهر الموقف الأوروبي الجديد تحولًا من النهج العقابي المتسارع إلى نهج أكثر حذرًا وواقعية. ومع أن الحزمة العشرين ستعود إلى الطاولة مطلع 2026، فإن تأجيلها يبعث برسالة واضحة: العقوبات لم تعد “سلاحًا سحريًا” في يد الاتحاد الأوروبي، بل عبئًا يحتاج إلى إعادة تقييم شاملة.
بهذا التحول، يدخل الملف الروسي مرحلة جديدة من البراغماتية الأوروبية، وربما بداية مراجعة عميقة لاستراتيجية لم تُحقق أهدافها رغم تشديدها عبر 19 حزمة متتالية.















0 تعليق